التطوير المهني داخل المدرسة من المركزية إلى اللامركزية

تمهيد
 
يتنامى الوعي بين التربويين، يومًا بعد يوم، بأهمية التطوير المهني للمعلمين وغيرهم من القيادات التربوية الميدانية من مديري مدارس ومشرفين تربويين، حيث يمثل التطوير المهني أحد المنطلقات الأساسية في تسريع عملية التغيير التربوي بل وإحداثها أحيانًا أ، كما أنه يعد أداة فاعلة في ترجمة خطط تطوير العمليات التعليمية التي تتبناها المؤسسة التربوية على أرض الواقع. إذ يهدف التطوير المهني في الدرجة الأولى إلى تكوين عناصر بشرية ذات قدرات عالية، تدفع عجلة التغيير وتدعمه وتسير به إلى الأمام من خلال تطوير مهارات المعلمين ومديري المدارس وإتاحة المعلومات التربوية الحديثة لهم، وتبصيرهم بالاتجاهات التربوية الجديدة.
 
 
لقد ازدادت الحاجة إلى التطوير المهني في واقع الأمر مع ازدياد التحديات وتنوعها في الميدان التربوي، والتي تتطلب من المعنيين بهذا المجال سواء معلمين أو مديري مدارس أو مشرفين تربويين العمل على تهيئة البيئة التعليمية التعلمية المناسبة للطلاب. فالتطوير المهني هو مصدر لمساعدة المعلمين، وهو أيضًا أداة لتطبيق خطط التطوير التي تؤثر بدرجة عالية على ما يؤدونه في الصف الدراسي، والذي بدوره يؤثر بدرجة قوية على تحصيل الطلاب. من ناحية أخرى، وفي إطار مطالبة كثير من التربويين بأن يكون الطلاب متعلمين طوال الحياة، فإن المعلمين ومديري المدارس والمشرفين التربويين مطلوب منهم أن يكونوا متعلمين طوال حياتهم المهنية؛ لكونهم الميسرين لتعلم الطلاب والمساعدين لهم في اكتساب الخبرات التعلمية.
 
 
وفي هذا المقال سوف نتناول كيفية تصميم أنشطة مبتكرة للتطوير المهني وكيفية تنفيذها كما كشفت عنها كثير من البحوث والدراسات التربوية.
 
 
 
 
ما المقصود بالتطوير المهني ؟
 
نقصد بالتطوير المهني في هذا الكتيب أنه مجموعة أنشطة يقوم بها كل من المشرفين التربويين ومنسوبي المدرسة لتحديد الاحتياجات المهنية، وتخطيط البرامج، وتنفيذها، والتي تؤدي في نهاية الأمر إلى تحسين فاعلية أداء المعلمين ومديري المدارس والمشرفين التربويين في تجويد عمليتي التعليم والتعلم، وتحفزهم للنمو المهني المستمر.
 
 
إن النجاح في هذه المهمة يتطلب من الجميع دون استثناء المشاركة والتعاون، وخصوصًا بين مديري المدارس والمشرفين التربويين، لأنهم حجر الزاوية في هذا المشروع الهادف إلى تعميق المعلومات المهنية للمعلمين وتطوير مهاراتهم المختلفة وبالتالي زيادة فاعلية المدرسة، إذ من خلال التطوير المهني يمكن إحداث تغييرات ذات معنى في الأداء، وتكوين ثقافة إيجابية منتجة داخل المدرسة Pullan, Rolheiser Bennett, & Bennett, 1989; Little, 1982).)
 
 
 
 
الرؤية المستقبلية للتطوير المهني
 
لقد تزايد عدد الدراسات والأبحاث في مجال التطوير المهني في النصف الأخير من القرن الماضي بصورة ملحوظة، فقد أشار الكتاب السادس والخمسين للمجتمع الوطني لدراسة التربية في الولايات المتحدة الأمريكية (NSSE) لعام 1957م إلى 50 دراسة، وفي بحث حديث في قاعدة مركز المصادر التربوية (ERIC) وجد أكثر من 5600 موقع يتضمن التطوير المهني كعنوان أساسي، 
 
 
وقد قام Spark & Loucks -Horsley بوصف خمس خصائص أساسية للتطوير المهني وذلك بعد القيام بدراسة تحليلية لأبحاث وأدب المجال، وهي:
 
• إجراء النشاطات في المدرسة وربطها بتحسين البيئة التعليمية.
 
• إشراك المعلمين في تخطيط الأنشطة وتنفيذها.
 
• التركيز على التطوير الذاتي للمدرسة وتنويع الفرص التدريبية المتاحة لمنسوبيها.
 
• تقديم المصادر والدعم المستمر للبرامج المختلفة.
 
• التدريب العملي وتقديم التغذية الراجعة.
 
 
 
وفي ضوء ذلك، تتجسد الرؤية المستقبلية للتطوير المهني الفعال في سبعة أبعاد أساسية، هي:
 
1- تخطيط أنشطة التطوير المهني في ضوء أحدث الدراسات والأبحاث في مجالي التدريس والتعلم.
 
2- تقديم الفرص للمعلمين لبناء معارفهم ومهاراتهم.
 
3- مساعدة المعلمين في تحديد الاستراتيجيات التعليمية الفعالة.
 
4- تكوين مجتمع مدرسي متعلم، فعلى سبيل المثال ينبغي أن تتجه تلك البرامج إلى تكوين ثقافة مدرسية تجعل من مكوناتها التعلم المستمر والتعلم التعاوني سواء بين المعلمين أو بين الطلاب.
 
5- الإسهام في تكوين قيادات للتغيير في المجتمع التربوي.
 
6- مساعدة المعلمين في رؤية العلاقات بين أجزاء العملية التعليمية التعلمية من مثل علاقة التدريس بالتقويم.
 
7- تحسين جودة أنشطة التطوير المهني من خلال قياس تأثيراتها الإيجابية في فعالية التدريس بصورة مستمرة.
 
 
 
 
أين يتم تنفيذ برامج التطوير المهني ؟
 
قبل مناقشة أي البيئات التربوية أكثر مناسبة لاحتضان نشاطات التطوير المهني لعله من المناسب الإشارة إلى موضوعين أساسيين في هذا الصدد.
 
 
الموضوع الأول: ينطلق من أهمية تطوير المعلمين مهنيًا، إذ تحتاج مهنة التعليم كغيرها من المهن الأخرى إلى تطوير مهارات أفرادها وتجويدها بهدف تحسين فاعلية أدائهم والقيام بأدوارهم على أكمل وجه، فالتطوير المهني يعد جزءًا من تحقيق أهداف العملية التعليمية، فالمعلمون مثلاً يحتاجون إلى تجديد ما لديهم من معارف ومهارات بهدف تطوير قدرات الطلاب، لذا فإن برامج التطوير المهني النوعية تقدم المعارف الحديثة والمهارات المتطورة، وتتأكد من تطبيقها ودمجها في الفعاليات الصفية، وهي في هذا الإطار تأخذ في الحسبان الفروق الفردية بين المعلمين من نواحٍ عدة وفقًا لمرحلة خبرتهم الوظيفية والتأهيلية، كما توجه عناية خاصة إلى الحاجات النفسية لدى بعض منسوبي المدرسة المتمثلة في الرغبة في دعم زملائهم وتقديم التغذية الراجعة لهم، وإلى حاجة بعض المعلمين إلى المشاركة النشطة في تطوير مدارسهم.
 
 
أما الموضوع الثاني: فيتناول ثقافة المدرسة وتفردها كمؤسسة تربوية، فكل مدرسة لها ثقافتها الخاصة التي تميزها عن المدارس الأخرى، حيث إن لكل مدرسة شخصيتها المتفردة وظروفها وحاجاتها وقدرتها على التطوير، فالتطوير المهني الذي ننشده هو الذي يأخذ في الحسبان الأوجه المتعددة لثقافة المدرسة، ويعزز جوانب القوة فيها ويعالج مواطن ضعفها. فثقافة المدرسة هي الإطار الذي ينطلق منه منسوبو المدرسة في تحسين فاعليتها وكذلك تحسين عمليتي التعليم والتعلم.
 
 
إن هذين المحورين غيرا صورة التطوير المهني خلال الأربعين سنة الأخيرة، ففي العقد الثامن من القرن الهجري الماضي كان التطوير المهني يطلق عليه التدريب أثناء الخدمة، وكان هدفه الأساس تقديم خبرات للمعلمين من خارج المدرسة لزيادة معارفهم من خلال برامج تصمم لهذا الخصوص، أما النظرة الحديثة فهي تركز على الإفادة من الخبرات الموجودة في المدرسة أو المؤسسة التربوية بوجه عام من معلمين وقيادات تربوية؛ بهدف جعلها مؤسسة تربوية متعلمة دائمة. وهذا النوع من المدارس أو المؤسسات -في الواقع- جلب نوعًا من التحدي لجميع التربويين تتمثل في محاولة الكشف عن الأدوات والطرق التي يمكن من خلالها دفع المدرسة كي تكون مؤسسة تربوية متعلمة بصورة مستمرة.
 
 
وعمومًا نستطيع أن نلخص عددًا من الأسباب التي استقصيناها من أدب المجال ويمكن أن تدفع مديري المدارس والمشرفين التربويين والمعلمين إلى تبني الاتجاه الذي يضع المدرسة لتكون بيئة طبيعية لتخطيط أنشطة التطوير المهني وممارساتها .
 
 
ويمكن إجمال هذه الأسباب على النحو الآتي:
 
1- تتنوع احتياجات المدرسة ومنسوبيها، مما يتطلب تنويع برامج التطوير المهني.
 
2- أهمية دمج برامج التطوير المهني في نشاطات المدرسة؛ بغرض تنفيذها في غرفة الصف الدراسي (Showers, Joyce, & Bennett, 1987; La Rosa, 1987).
 
3- تأثير ثقافة المدرسة في تخطيط التطوير المهني وتصميم برامجه (Liebe1man & Miller, 1991) إذ أن المدارس ذات الثقافات الإيجابية تنجح بصورة كبيرة في تهيئة البيئة التي تدعم التدريس الفعال (Sagor, 1991).
 
4- صعوبة تطبيق المعارف والمهارات الجديدة دون دعم من المدرسة (Joyce, 1991). ولدمج تلك المهارات في الأداء اليومي فإن ذلك يتطلب تكنيكات من مثل النمذجة والمراقبة والتدريب وغيرها (Showers et al., 1987).
 
 
بالرغم من أننا نميل بوجه عام إلى نقل جزء كبير من التطوير المهني من مستوى إدارة التربية والتعليم إلى مستوى المدرسة، إلا أننا نرى أن هناك متطلبات والتزامات لنجاح مثل هذه النقلة، فنجاح أنشطة التطوير المهني تتطلب متابعة من إدارة التربية والتعليم وتقديمها للدعم التقني والمادي والبشري المستمر، ومن جهة أخرى ينبغي أن يهتم مديرو المدارس والمشرفون التربويون بمرونة تلك البرامج بحيث تتكيف مع الجدول المدرسي، وتراعي الفروق في الخبرة بين المعلمين واختلاف قدراتهم، وضرورة أن تكون منسجمة في الوقت نفسه مع سياسات الوزارة وإدارة التربية والتعليم وتحقق توقعاتها من تلك البرامج.
 
 
 
 
تأسيس التطوير المهني داخل المدرسة
 
 إن عملية تأسيس التطوير المهني تتطلب من مديري المدارس والمشرفين التربويين والمعلمين فهم طبيعة التطوير المهني، فقد كشفت كثير من الدراسات أن طبيعة التطوير المهني طبيعة معقدة تنطوي على عدد من العوامل المتداخلة، وينبغي لمدير المدرسة أو المشرف التربوي وهو يتصدى لتطوير برنامج للتطوير المهني أن يعي تلك الطبيعة، ولعل من الأمور المهمة في هذا المجال رؤية العناصر الرئيسة لهذه الصناعة، وكذلك رؤية العلاقات بين مكوناتها، فهذه العلاقات تنطوي على تفاعل مستمر، لا ينبغي النظر إليها في شكل خطي. بمعنى أن تنفيذ خطوة ما قد لا يقود إلى الخطوة التي تليها بصورة منطقية، إذ إن كل عنصر منها يعتمد على العناصر الأخرى بصورة شبكية يؤثر فيها ويتأثر بها.
 
 
لذا فإنه ينبغي أن يقوم مدير المدرسة أو المشرف التربوي بالعمليات الآتية:
 
أولاً: تحديد العوامل المؤثرة في التطوير المهني
 
أ- رصد العناصر الداخلية والخارجية
 
يوجد عدد كبير من العناصر الداخلية والخارجية التي تؤثر في نوعية التطوير المهني الذي يمكن أن تقدمه المدرسة، مثل ميزانية المدرسة، والجدول المدرسي، وواقع التقنية في المدرسة. وتتأثر المدارس بتلك العوامل التي تؤثر في نوعية برامج التطوير المهني وفي كيفية توظيفها.
 
 
ب- تحديد دور الوزارة وإدارة التربية والتعليم
 
على الرغم من أن برامج التطوير المهني تعد تقليدية -في نظرنا- حينما تتمركز جميع أهدافه وترتيب أولوياته على مستوى إدارة التربية والتعليم، إلا أن هذا لا يعني التقليل من دور الإدارة أو الوزارة في هذا المجال، كما أنه لا يعني أيضًا أن تكون جميع أنشطة التطوير المهني غير مركزية، حيث يبقى دور إدارة التربية والتعليم أساسيًا في وضع  السياسات والتخطيط طويل المدى للتطوير المهني. فلإدارة التربية والتعليم دور مهم ومستمر يتمحور حول توفير المصادر المادية والبشرية اللازمة وتصميم بعض البرامج المهمة، ودور مدير المدرسة هو اقتراح فرص التطوير المهني وتعديل النشاطات المهنية كي تتوافق مع احتياجات المدارس وظروفها.
 
 
ج- تحديد دور المدرسة
 
إن الاتجاه الحالي في صناعة التطوير المهني -كما ذكرنا- يتمركز في المدرسة، والتي يحدد فيها مديرها ومنسوبوها برامج التطوير المهني ويصفونها ويدعمونها (Little, 1982)، ويفرض هذا الدور على مدير المدرسة أن يرصد كيفية تفاعل مدرسته مع العوامل المؤثرة، ويحدد علاقة المدرسة مع سياسة الوزارة وإدارة التعليم وتوجيهاتها واقتراحاتها، وأن يوظفها حينما يتوجه إلى تطوير رؤية المدرسة ورسالتها، وكذلك عند رسم الخطط التطويرية، ويجب أن تؤخذ في الحسبان مهارات منسوبي المدرسة واتجاهاتهم وحاجتهم إلى المعلومات والمهارات التربوية الحديثة، وأن يدعم برنامج التطوير المهني التغيرات المستهدفة في البيئة التعليمية.
 
 
د- توظيف نظرية تعلم الكبار في التطوير المهني.
 
يكاد يكون من المتفق عليه أن طرائق تدريسنا تتطور بتطور معرفتنا عن كيفية حدوث التعلم لدى الطلاب، وبنفس الطريقة والدرجة فإن أساليبنا في التطوير المهني تزداد فعالية بازدياد معلوماتنا عن كيفية تعلم الكبار، لذا فإن من أهم متطلبات إنجاح برامج التطوير المهني هو فهم نظريات تعلم الكبار، فنحن نعرف -مثلاً- أن لدى الكبار أساليب في التعلم ومعرفة بالنشاطات المهنية المهمة، وهذا يؤثر في اتجاهاتهم نحو جدوى التطوير المهني وتفاعلهم مع نشاطاته، وبالتالي فمن المهم الأخذ في الحسبان خبرات المعلمين السابقة، كما أن الكبار -كالصغار- لديهم نماذج متباينة في أساليب التعلم، وبالتالي ينبغي تنويع نشاطات النمو المهني كي تكون مؤثرة في المعلمين، ومن نافلة القول إن مشاركة المعلمين الفاعلة تعد أحد المفاتيح الأساسية في تفعيل التطوير المهني، مع وضع اعتبار لعامل الوقت والحاجة إلى تقديم المعلومات، كما تنبغي العناية بالتطبيقات العملية أكثر من النظرية أو على الأقل ربطهما ببعضهما؛ لأن ذلك له أثر كبير وارتباط مباشر بما يدور في الصف مقارنة بقصر الأمر على عرض نتائج خبرات أو شرح تجارب شخصية، كما أن الكبار يقدرون البرامج المخططة ذات الأهداف الواضحة (Peixotto & Palmer, 1994).
 
 
 
 
ثانيًا: التخطيط للتطوير المهني
 
إن برامج التطوير المهني النوعية، هي تلك التي تخطط كي تحقق جميع وظائف التطوير المهني وأن تتميز في تصميمها وفي تطبيقها Fullan et.al., 1989; Grossnickle & Layne, 1991; Joyce, 1991). لذا، ينبغي أن تتضمن برامج التطوير المهني خطة عملية جيدة تحاول أن تحقق جميع وظائف التطوير المهني المتمثلة في: تحقيق أهداف الوزارة وإدارة التربية والتعليم والمدرسة؛ وتطوير التدريس وتحسينه؛ وإتاحة النمو المهني؛ ومعالجة الأداء غير المرضى من المعلمين وغيرهم من منسوبي المدرسة، وفي سبيل ذلك يجب أن يضع مدير المدرسة أو المشرف التربوي أهدافًا واضحة محددة لكل نشاط من الأنشطة؛ ويعين في ذلك المسؤوليات التنفيذية؛ كما يقترح الحوافز؛ ويحدد الإجراءات التقويمية لقياس احتياجات منسوبي المدرسة؛ ويقترح أيضًا المقاييس التي سوف تستخدم في قياس النتائج قريبة المدى للبرنامج والنتائج بعيدة المدى أيضًا، كما يتأكد من إعطاء الأنشطة مساحة كافية من الوقت، ومن توفر المصادر والدعم المستمر (Joyce, 1991; Showers et. al., 1987).
 
 
وعمومًا نتوقع من مدير المدرسة بالتعاون مع المعلمين القيام بالخطوات الآتية:
 
• وضع الأهداف.
 
• تحديد المسؤوليات.
 
• تعيين المشاركات.
 
• تقديم الحوافز.
 
 • تعيين المصادر.
 
• جدولة النشاطات.
 
 
 
 
ثالثًا: تطبيق التطوير المهني
 
نقصد بالتطبيق الإجراءات المستخدمة لتنفيذ جميع نشاطات التطوير المهني اللازمة لإكساب المستهدفين المعارف الجديدة، والمهارات اللازمة لتحسين الأداء الصفي، وغيرها من وظائف التطوير المهني، وينبغي تحديد كل هذه الأنشطة وأهدافها، وأن تجدول مهماتها، وتحدد مسؤولياتها. ويمر التطبيق عادة بأربع مراحل هي:
 
أ- تنفيذ البرنامج.
 
ب- توظيف المعرفة والمهارات.
 
ج- قياس النتائج.
 
د- إجراء التعديلات والتكييفات إذا كانت ضرورية بهدف تحقيق البرنامج بصورة أفضل.
 
 
قد يبدو للبعض -لأول وهلة- أن التطبيق عملية يسيرة، وأنها من أبسط حلقات التطوير المهني، لكنها في حقيقة الأمر عملية معقدة وشائكة أكثر مما يمكن توقعه. لقد كشفت بعض الدراسات أن انخفاض جودة هذه المرحلة يؤثر سلبًا على النتائج المتوقعة من برامج التطوير المهني، فقد قام بينك (1989)Pink  بمراجعة عدد من أنشطة التطوير المهني، وخلص من دراسته أن نصيب مرحلة التطبيق من الاهتمام والمتابعة في البرامج التي درسها كانت ضعيفة. لذلك، لاحظ أن تلك البرامج غير فاعلة في تحقيق أهدافها، وبالتالي تفشل في تطوير عمليتي التعليم والتعلم داخل المدرسة، إضافة إلى كل ذلك فإن تلك البرامج لم تتح وقتًا كافيًا للمستهدفين لاكتساب المهارات والمعارف الجديدة.
 
 
إن اكتساب المستهدفين للمهارات عملية معقدة، وحتى تلك التي تبدو مهارات بسيطة، حيث تحتاج إلى تدريب أكثر مما يتوقع (Good, 1989). فكلما كانت المهارات والمعلومات المطلوب نقلها معقدة؛ كلما كانت عمليات التدريب أكثر تعقيدًا. وينطبق هذا، أيضًا، عندما تكون محاولات التدريب تهدف إلى تغيير روتين المدرسة أو نشاطاتها أو تكون المحاولات تهدف لتغيير الاتجاهات المهنية بين منسوبي المدرسة (Joyce et. al., 1989). لقد أشارت كثير من الدراسات إلى أن معظم خصائص التدريب الناجح هي التي تسير على النحو الآتي: تقديم معلومات نظرية؛ عرض مهارات؛ تجريب في بيئة آمنة؛ ممارسة المهارات والمعارف الجديدة؛ تقديم التغذية الراجعة؛ التقويم (Showers et. al., 1987).
 
 
 
 
رابعًا: قياس نجاح التطوير المهني
 
يوجد نوعان من التقويم لقياس مدى نجاح برامج التطوير المهنية (Love, 1982). يتمثل النوع الأول، في قيام مراقبين بدراسة النشاطات ومدى فائدتها للمشاركين. ويمكن توظيف القوائم والاستبانات في هذا المجال. أما النوع الثاني من التقويم فيتناول تحديد تأثير البرنامج على الأداء داخل الصف وفي داخل المدرسة، فهذا النوع من التقويم يحدد إلى أي مدى تكون المهارات والمعارف الجديدة دمجت في ثقافة المدرسة، وأصبحت جزءًا من الروتين والممارسة اليومية.
 
 
 
 
استراتيجيات التطوير المهني
 
نظرًا لأهمية عملية اختيار أساليب التطوير المهني من قبل منسوبي المدرسة وكيفية تنفيذها، فقد خصصنا هذا الجزء لمناقشة بعض الاستراتيجيات التي يمكن أن توظف في هذا المجال، فعملية اتخاذ القرار بشأن اختيار أكثر استراتيجيات التطوير المهني فاعلية من القرارات المهمة في نجاح مدير المدرسة أو المشرف التربوي في إشرافه على التطوير المهني، فعملية اختيار الاستراتيجيات تحتاج إلى تفكير وتروٍ ودراسة. ومع ذلك سوف نقدم بعض الموجهات العامة التي يمكن أن يستند إليها مدير المدرسة أو المشرف التربوي عند القيام بهذه الخطوة. ويمكننا القول، إن اختيار الإستراتيجية يعتمد على نوعية الأهداف المرجوة، وطبيعة البيئة الذي سوف تتم فيه عملية تنفيذ الإستراتيجية. وقبل أن نسترسل في مناقشة هذا المحور، قد يكون من المناسب توضيح معنى الإستراتيجية. إن مصطلح الإستراتيجية نقصد به الوعاء الأساسي أو الوسيط الذي يتم من خلاله نقل الخبرة التعلمية المقدمة للمستهدفين. وينبغي أن نذكر أن التطوير المهني لا يظهر في استراتيجيات أحادية منفصلة عن بعضها البعض. فكل برنامج للتطوير المهني أو خطة تدريبية تستخدم استراتيجيات متنوعة.
 
 
إن دور مدير المدرسة أو المشرف التربوي أو المشرف على التطوير المهني بوجه عام هو تصميم استراتيجيات ملائمة تحقق أهدافًا محددة. لذا، تعد معرفة الهدف أساسًا لاختيار الإستراتيجية، وربطها باحتياجات المتدربين من أهمه المعالم الرئيسة في عملية الاختيار، ومعرفة إلى أي مدى تدعم الإستراتيجية عملية التعلم لدى المستهدفين. من جهة أخرى، تحتاج عملية التغيير بمراحلها المختلفة في المؤسسة التربوية إلى نوعيات محددة من الاستراتيجيات. وقد قام بعض المختصين في مجال التطوير المهني بدراسة برامج التطوير المهني وقدموا محددات مختلفة يمكن أن تساعد في اختيار الاستراتيجيات من بينها: ضرورة معرفة ملاءمة الاستراتيجيات لتحقيق الأهداف. فعلى سبيل المثال، بعض الاستراتيجيات مثل ورش العمل تكون أكثر مناسبة لبناء المعرفة لدى المستهدفين، في حين أن بعض الاستراتيجيات الأخرى مثل دراسة الحالة يساعد المعلمين في التفكير بعمق حول ممارستهم في تنفيذ عمليتي التعليم والتعلم.
 
 
وفيما يلي بعض الأهداف المختلفة لبعض الاستراتيجيات.
 
• تطوير وعي منسوبي المدرسة خلال المراحل الأولى من عملية التغيير في داخل المدرسة.
 
• بناء الخلفية المعرفية للمعلمين من خلال تقديم معلومات جديدة تزيد من فهم المحتوى العلمي للمواد الدراسية والمهارات التدريسية. 
 
• ترجمة المعرفة الجديدة في التطبيق من خلال دفع المعلمين إلى توظيف معلوماتهم في التخطيط للتدريس وتحسينه.
 
 • ممارسة التدريس من خلال مساعدة المعلمين على التعلم بتوظيف الطريق الجديدة وتطبيقها، فكلما تدرب المعلمون على أساليب جديدة في الصف الدراسي فإن مهاراتهم تزداد في تطبيق تلك الأساليب.
 
• التأمل والتفكر بعمق في عملية التدريس من خلال دفع المعلمين إلى تفحص خبراتهم في الصف الدراسي وقياس أثر التغيرات على طلابهم، ومساعدة المعلمين على التفكير في الطرق البديلة.
 
 
يصف الجدول التالي الطرق المختلفة في دعم تعلم المعلمين، وقد وضع من قبل مجموعة من الباحثين في مشروع QUASAR (Brown & Smith, 1997).
 
 
أهداف استراتيجيات التطوير المهني المختلفة
 
 
 
 
 
ملاحظة: تشير العلامة الكبيرة «صح» إلى الهدف الرئيس لكل إستراتيجية، بينما العلامة الصغيرة « صح» فتشير إلى الهدف الثانوي.
 
 
سوف نناقش كل إستراتيجية على حدة بتقديم افتراضاتها الأساسية حول التدريس والتعلم والتطوير المهني، ثم نعرض عناصرها ومكوناتها الأساسية، وكذلك متطلبات تطبيقها، على النحو الآتي:
 
1- تكييف المنهج
 
نقصد بالمنهج الكتاب المدرسي، بينما يشير تكييف المنهج ضمن هذا السياق إلى العمليات التي يتم من خلالها إعادة صياغة المحتوى من خلال أوراق العمل بحيث يشتمل على نفس المفاهيم التربوية الموجودة في الكتاب المقرر، لكن يقدم بصورة مختلفة تراعي احتياجات الطلاب وقدراتهم.
 
 
الأساس العلمي:
 
تقوم هذه الإستراتيجية على عدد من الافتراضات العلمية والتربوية المرتبطة بالمعلمين، وعملية التعلم، والتطوير المهني، ومن أهم هذه الافتراضات:
 
• أن المعلمين هم الأقرب إلى تطبيق المنهج وتنفيذه من جميع التربويين، بالتالي هم الأقرب إلى تعديله كي يناسب طلابهم ويلائهم البيئة التي يدرسون فيها. فبعض المعلمين لديهم معلومات كافية تمكنهم من تكييف مناهجهم حيث يعرفون مقدار المعرفة المسبقة لدى طلابهم ويعرفون كيف يتعلمون، وكيف يقدمون المادة العلمية لهم، وكيف يدرسونها. يستطيع المعلم من خلال هذه الإستراتيجية أن يزيد من معرفته سواء تلك المتعلقة بالمحتوى العلمي أو تلك المرتبطة بطريقة تقديمه. كما أن هذه الإستراتيجية تتيح له الإطلاع على البحوث والدراسات ذات العلاقة.
 
• إن هذه الإستراتيجية تقدم الفرصة للمعلمين للتعلم من زملائهم الذين لديهم خبرة في المجال والتعاون معهم، كما أن هذه الإستراتيجية تتيح الفرصة لاستشارة ذوي الاختصاص مما يؤدي إلى بناء شبكة من الخبراء والزملاء في مجال محدد.
 
• إن هذه الإستراتيجية تساعد المعلمين على زيادة فهم المحتوى العلمي والتربوي من خلال التفكير مليًا في الأهداف العامة للمنهج، والمفاهيم والمهارات والاتجاهات المحددة التي يحتاجها الطلاب في عملية التعلم.
 
 
أسلوب التنفيذ:
 
  تتطلب هذه الإستراتيجية تعاون المعلمين فيما بينهم وتعاونهم مع المشرفين التربويين ومع الخبراء في تطوير ذلك الجزء من المنهج المراد تكييفه، والاشتراك في تصميم مقاييس جديدة تتفق مع المحتوى الجديد، كما يتطلب تنفيذ هذه الإستراتيجية تعاون المعلمين في تفحص الفعاليات داخل الصف، وتعاونهم في حل المشكلات التربوية، مما يؤدي إلى زيادة معلوماتهم وتحسين مهاراتهم واكتساب اتجاهات لتحسين التدريس الصفي، وهذا يسهم في نموهم مهنيًا والتأثير الإيجابي على تعلم الطلاب.
 
وعلى الرغم من أن عملية تكييف المنهج تتم في إطار تعاوني، إلا أنه قد يكون لدى بعض المعلمين القدرة على تعديل المحتوى وتكييفه لوحدهم كي يناسب احتياجات صفوفهم الدراسية، ومع ذلك نرى أن التعاون مع الآخرين مطلب ضروري يعمل على تعميق التطوير المهني واتساع مداه، ليشمل الجميع مما يؤثر بصورة إيجابية على بناء المعارف، وعلى تنظيم المنهج وتصميمه وطريقة عرضه؛ مما يؤدي إلى اتساع أفقهم للتدريس والمنهج، إضافة إلى التقليل من الانعزالية المعهودة لدى المعلمين في فصول الدراسة.
 
 
متطلبات التطبيق:
 
كي تنجح هذه الإستراتيجية في التطوير المهني، ينبغي توافر عدد من المتطلبات، منها:
 
• تشجيع المشاركة: هذه الطريقة تنجح حينما تكون المشاركة بمبادرة من المعلمين وليست إلزامية، فعملية تكييف المنهج عملية معقدة تحتاج إلى صبر وجهد والتزام من المعلمين.
 
• التوقعات الواضحة: ينبغي أن تبدأ هذه الإستراتيجية من صياغة توقعات محددة، فمطلوب من المعلمين بالتعاون مع المشرف التربوي أن يضعوا أهدافًا واضحة ونتائج متوقعة، وكذلك العمل على وضع جدول زمني، واقتراح قنوات لتواصل المستمر.
 
• إجراءات محددة: ينبغي أن يبدأ أي تغيير في المنهج من خلال تقويم الممارسات القائمة، وقياس احتياجات الطلاب، وتحديد إجراءات التطبيق، وتعيين أسلوب قياس المنتج وتقويمه، كما تتطلب العملية اختبار المنتج في الصفوف الدراسية وإجراء التعديلات اللازمة.
 
• المحتوى المعرفي: ينبغي أن يكون هناك مراجع علمي متميز للتأكد من صحة المادة العلمية.
 
• دعم الوزارة وإدارة التربية والتعليم: يبرز دور هذه الجهات بالتشجيع، وإتاحة الوقت، وتحفيز المعلمين للمشاركة في هذه الإستراتيجية، وإتاحة المصادر والخبرات اللازمة.
 
 
 
 
2- ورش العمل وحلقات النقاش
 
تقدم ورش العمل وحلقات النقاش الفرصة للمعلمين للتعلم من الخبراء ومن زملائهم. تعقد هذه الجلسات المهنية في فترات زمنية قصيرة، عادة، تكون خارج الفصل الدراسي، حيث يجتمع عدد من التربويين من مواقع مختلفة للحصول على خبرات تعليمية مخططة. تتضمن ورش العمل، في معظم الأحيان، نشاطات عملية يقوم بها المشاركون لتجريب أفكار حديثة أو تطبيق مواد تربوية جديدة. أما حلقات النقاش فهي تركز على التشارك في المعرفة، وتبادل الخبرة من خلال المناقشة، وطرح الآراء والأفكار تجاه ممارسات الآخرين، أو عرض نتائج دراسات مختارة بعناية. عمومًا، يستطيع المسئول عن التطوير المهني أن يجمع ما بين استراتيجيات مختلفة مثل أن تكون حلقة نقاش ويتبعها ورشة عمل وذلك وفقًا لأهداف التعلم المحددة للمجموعة المستهدفة.
 
 
الأساس العلمي:
 
تقوم هذه الإستراتيجية على عدد من الافتراضات التربوية المرتبطة بالمعلمين، وعملية التعلم، والتطوير المهني، ومن أهم هذه الافتراضات:
 
 
• أهمية المعرفة الخارجية
 
ينبغي على التربويين أن يوسعوا من معارفهم بصورة مستمرة، سواء في المجال العلمي المرتبطة بالمادة الدراسية، أو في مجال تدريسها. هذه الإستراتيجية تتيح الفرصة للمعلمين الاتصال بمصادر المعرفة الخارجية بطريقة مباشرة.
 
 
• التعلم خارج بيئة العمل
 
يسمح التعلم خارج بيئة العمل بدراسة الموضوع والتفكير فيه بعمق، حيث تتيح هذه الإستراتيجية الوقت للمعلمين للاجتماع خارج الصفوف الدراسية للتأمل والتفكير والمناقشة والتفاعل مع التربويين ومع بعضهم البعض، والعمل على ترجمة الأفكار الجديدة إلى ممارسات عملية، وتجريب مهارات جديدة في بيئة آمنة.
 
 
أسلوب التنفيذ:
 
ينبغي للمسؤول عن تنفيذ هذه الإستراتيجية فهم عدد من الخطوات الأساسية، وهي:
 
 
• تحديد الأهداف بوضوح
 
يفترض في المسئول عن التطوير المهني الاتصال بالمشاركين والاتفاق معهم حول أهداف المادة التعلمية قبل الجلسات وأثناءها.
 
 
• تحديد دور قائد الجلسة.
 
ينبغي أن يكون قائد الجلسة مصدرًا للخبرة، وأن يقدم معلومات واستشارات تربوية، بحيث تسهم في تعلم المشاركين.
 
 
• تحديد الجدول الزمني وشكل المجموعات
 
ينبغي تحديد الإطار الزمني للعمل من مثل (من الساعة 8 إلى الساعة 10 صباحًا)، وكذلك عدد مرات انعقادها من مثل (يوم السبت من كل أسبوع). ويمكن أن تكون بشكل تعاوني بين جميع المشاركين، أو بشكل ثنائي بحيث يستفيد كل معلم من زميله، أو تكون بين القائد والمجموعة.
 
 
 
متطلبات التطبيق:
 
كي تنجح هذه الإستراتيجية في التطوير المهني، ينبغي توافر عدد من المتطلبات، هي:
 
 
• معرفة متقدمة
 
ينبغي وجود شخص أو مجموعة أشخاص قادرين على تقديم المعرفة أو المهارات الحديثة، ويكونون - على الأقل- قادرين على الوصول إلى معرفة الخبراء المتعلقة بالموضوع المستهدف.
 
 
• وقت خارج موقع العمل. 
 
يمكن أن تكون أوقات ورش العمل وحلقات النقاش أثناء وقت الدوام الرسمي، من خلال تنسيق مدير المدرسة الجدول الدراسي كي يتلاءم مع وقت الورشة أو حلقة النقاش، كما يمكن أن تكون خارج وقت الدوام الرسمي.
 
 
• خطة الورشة ومنهجها
 
ينبغي أن يعرف المشاركون ماهية المحتوى الذي سوف يتعلمونه، وكذلك التعرف على المعلومات أو المهارات اللازمة للمشاركين قبل تعلم المحتوى الجديد.
 
 
• الاتصال بمصادر المعلومات وموادها.
 
ينبغي أن تتوافر المواد اللازمة من كتب طلاب أو خطط دراسية، أو أعمال طلاب وفقًا لمحتوى الورشة أو الحلقة.
 
 
• الحوافز
 
ينبغي أن يكافأ المشاركون في الورشة أو حلقة النقاش من خلال تقديم الحوافز من مثل تقديم شهادات أو التعريف بهم أمام المشرفين التربويين أو المسؤولين أو أن تضاف نقاط إيجابية إلى ملفاتهم.
 
 
 
 
3- البحث الإجرائي
 
للبحث الإجرائي تاريخ طويل، حيث بدأ على يد كيورت ليوين Kurt Lewin في الأربعينيات من القرن العشرين. تعتمد فكرة هذه الإستراتيجية، على قيام المعلمين بتفحص تدريسهم ومهاراتهم وطريقة تعلم طلابهم من خلال تسجيل ما يحدث داخل الصف الدراسي، ثم التفكير بعد ذلك مع الزملاء بصورة نقدية هادفة تتأمل الممارسات الصفية بهدف تحسينها (Miller & Pine, 1 990). وتنطلق هذه الإستراتيجية من المبدأ الذي يقول إن الإحاطة بأسباب قيام المعلم بممارسات معينة وكيفية حله للمشكلات التربوية أو التدريسية داخل الصف تعد وسيلة لبناء المعرفة العلمية (Dnckworth, 1986). وقد لاحظ بعض الاختصاصيين أن البحث الإجرائي يعد من الاستراتيجيات الإصلاحية لصناعة التطوير المهني وهو أحد محاور إصلاح المدارس، هذه الأهمية نابعة من أن المعلمين يمكن أن يحددوا أسئلة البحث الإجرائي، أو يسهموا في تعريف مشكلاتها بطريقة ذات معنى لهم، وبالتالي يصبح المعلمون جزءًا من البحث، وليسوا فقط مبحوثين كما جرت العادة في الاستبانات واستطلاعات الرأي. إن هذا الانتماء لمادة البحث يدفع المعلمين إلى الالتزام نحو إجراء عملية التغييرات في ممارساتهم الصفية التي تكشف عنها النتائج.
 
 
البحث الإجرائي يمكن أن يأخذ عدة صيغ، يمكن أن يقوم به مجموعة من المعلمين باستقصاء الممارسات التدريسية، كما يمكن أن يقوم به باحثون آخرون من إدارة التربية والتعليم أو الجامعات أو كليات المعلمين بالتعاون مع المعلمين أو مديري المدارس أو المشرفين التربويين. كما يمكن أن يقوم كل معلم ببحث خاص به مع مناقشة النتائج مع الزملاء المعلمين أو الباحثين. أو أن يقوم المعلمون بتفحص بعض الدراسات التي لها علاقة بعملهم، وبعد ذلك توظف كأساس لجمع البيانات وتحليلها من صفوفهم الدراسية (Loucks-Horsley et. al., 1987).
 
 
إن البحث الإجرائي يدفع المعلمين في تفحص أدائهم التدريسي بطريقة منظمة ومستمرة، بهدف تغيير الممارسات القائمة. فالبحث الإجرائي ليس ببساطة تحديد مشكلة ثم البحث عن حل لها، ولكنه ذو بعد تأملي وتفكيري عميق، يهدف في نهاية الأمر إلى الوصول إلى صيغة أو مجموعة صيغ تجعل الطالب محورًا لعملية التعليم والتعلم ومساعدته في بناء المعرفة. وعمومًا، تختلف خصائص أي بحث إجرائي باختلاف أهدافه المحددة، ودرجة التعاون بين المعلمين والباحثين الخارجيين، وطريقة إجراء البحث، وعلاقة البحث بالمدرسة والصف. فمثلاً، تهدف بعض الأبحاث إلى تحسين الأداء من خلال قيام المعلم بالبحث والتأمل في استراتيجيات التدريس. فإذا كان البحث يشتمل على باحثين خارجيين، فإن دورهم يمكن أن يتوجه إلى مساعدة المعلمين في تطوير مهاراتهم البحثية، وإرشادهم إلى كيفية التأمل في تدريسهم.
 
 
الأساس العلمي:
 
تقوم هذه الإستراتيجية على عدد من الافتراضات العلمية والتربوية المرتبطة بالمعلمين، وعملية التعلم، والتطوير المهني، ومن أهم هذه الافتراضات:
 
• ينمو المعلمون مهنيًا من خلال صياغة الأسئلة وجمع البيانات والإجابة عن تلك الأسئلة. والبحث التربوي، عادة، يجري على المعلمين أو ينفذ لصالحهم، لكنه نادرًا ما يتم بوساطة المعلمين أو بالتعاون معهم. في حين أن البحث الإجرائي يقوم على إشراك المعلمين، الذي بدوره قد يزيد من علاقتهم بالمادة البحثية ويدفعهم إلى التعلم من ممارساتهم، وإلى توظيف نتائج البحث في دورات تدريسية لاحقة، مما يسهم في نهاية الأمر إلى نموهم مهنيًا. إن البحث الإجرائي يساعد المعلمين على تكوين معنى من أدائهم بتأمله مما يعطي المعلمين القوة في اتخاذ القرارات ويجعلهم في موقع المسؤولية (Miller & Pine, 1990).
 
• استقصاء نتائج الممارسات يساعد على توظيف الممارسات الفعالة يندفع المعلمون ويتحمسون لتوظيف الممارسات الفعالة عندما يتعرفون نتائج ممارساتهم في الصف الدراسي، حيث يتمكن المعلمون من ربط الممارسات الصفية بالنتائج. وعندما يكتشف المعلمون أن هناك استراتيجيات معينة أكثر فاعلية في التدريس فإنهم سوف يستخدمونها ويتخلصون من الأخرى الأقل فاعلية.
 
 
أسلوب التنفيذ:
 
ينبغي للمسؤول عن تنفيذ هذه الإستراتيجية فهم عدد من الخطوات الأساسية، هي:
 
 
• استخدام دورة البحث الإجرائي.
 
يشتمل البحث الإجرائي على دورة تتضمن التخطيط، والملاحظة، والتحليل، واستخلاص النتائج، والتأمل والتفكير. حيث يقوم المعلمون بتحديد موضوع البحث، ثم تطوير خطة تتضمن الإجراءات التي تتم في معظم الأحيان بالتعاون مع آخرين. بعد ذلك تلاحظ السلوكيات وعمليات التدريس والتعلم، وتجمع البيانات بوساطة أما بالملاحظة أو الكتابة السردية لما يدور في الصف، أو باستخدام القوائم والمقابلات والاستبانات، أو بتصوير الفيديو، أو بجمع عينة من أعمال الطلاب وغيرها. ثم تحلل تلك البيانات للإجابة عن أسئلة البحث، ويلي ذلك التفكير في النتائج واستخدامها مرة أخرى في مزيد من التخطيط وإجراءات أخرى لتطوير الأداء.
 
 
• توظيف مصادر المعرفة الخارجية
 
يصاغ البحث الإجرائي، في معظم الأحيان، في ضوء مصادر المعرفة والأبحاث الأخرى. لذلك كي يكون البحث الإجرائي فاعلاً، ينبغي أن ينطلق من المعارف المتوفرة ويبني عليها أكثر من أن يقوم بإعادة اكتشافها. إضافة إلى ذلك، فإن المعلمين يستفيدون من الباحثين والخبراء والمصادر الأخرى في معرفة توظيف الطرق البحثية للتأكد من جودة ما يقومون به.
 
 
• تعاون المعلمين مع بعضهم بعضا.
 
يتطلب البحث الإجرائي عمل المعلمين مع بعضهم في جميع المراحل. هذا التعاون يرفع من استفادة المعلمين من بعضهم بطريقة منفتحة ومثمرة مما يتيح تعلم مهارات جديدة.
 
 
• توثيق التعلم وعرض النتائج على الآخرين.
 
يسهم البحث الإجرائي بطريقة فعالة في تعلم الآخرين بصورة تشاركية من خلال عرض النتائج على مجموعات من المعلمين أو المديرين أو المشرفين التربويين. هذه المشاركة تثري خبرات الباحث أو الباحثين وتزيد من مهاراتهم ومعرفتهم بصورة تتخطى نتائج البحث (Loucks-Horsley et. al., 1987). 
 
 
متطلبات التطبيق:
 
كي تنجح هذه الإستراتيجية في التطوير المهني، ينبغي توافر عدد من المتطلبات، هي:
 
• القدرة على التعامل مع مصادر البحث.
 
إذا لم يكن لدى المعلمين سابق تجربة مع البحث التربوي، فإنهم يحتاجون إلى التعاون مع باحث متمرس وذلك كعضو في الفريق البحثي أو كمستشار لهم. يتوقع من هذا الشخص أن يقدم يد المساعدة للمعلمين في جمع المعلومات وتحليلها والتأكد من صدق النتائج التي يتوصلون إليها. كما يمكن أن يقوم هذا الباحث بتدريب المعلمين (أعضاء فريق البحث الإجرائي) في مجال طرق البحث التربوي ووسائل جمع المعلومات والبيانات والعمليات الأخرى التي تساعدهم في تأمل النتائج.
 
 
• الوقت
 
يحتاج المعلمون إلى وقت لإجراء تلك البحوث، وهذا يتطلب من إدارة المدرسة أن تحاول جاهدة في توفير ذلك الوقت. أما إذا كان البحث بدافع ذاتي من المعلم فيمكن توفير الوقت اللازم من تغيير أسلوب إدارة الصف الدراسي واستخدام وسائل أخرى من مثل المسجل أو الفيديو لتسجيل الممارسات الصفية المستهدفة.
 
 
• الدعم الإداري والمادي.
 
يجب أن يقدم مديرو المدارس والمشرفون التربويون المواد اللازمة لإجراء البحث وكذلك الحوافز المناسبة لتشجيع التعاون بين المعلمين.
 
 
• إعداد وسائل لمشاركة الآخرين في نتائج البحث.
 
ينبغي توفير الفرص للمعلمين لمشاركة الآخرين في نتائج البحث، وذلك من خلال إقامة ورش العمل، أو من خلال النشرات التربوية التي تصدرها إدارة التعليم أو مركز الإشراف التربوي أو المدرسة.
 
 
 
 
4- المجموعات الدراسية
 
المجموعات الدراسية عبارة عن لقاء بين مجموعة من المعلمين تناقش قضايا ترتبط بعمليتي التدريس والتعلم. تختلف هذه الموضوعات من مشكلات وقضايا حديثة في مواد محددة إلى قضايا تتعلق بإصلاح المدرسة وتطويرها بوجه عام. يمكن أن تشتمل المجموعة الدراسية على عدد محدود من المعلمين لديهم اهتمام بقضايا معينة، أو أن تشتمل المجموعة الدراسية على جميع أفراد المدرسة لمناقشة قضايا تتعلق بإصلاح المدرسة. وبغض النظر عن الموضوع أو المشكلة المحددة، فإن لدى المجموعة الدراسية فرصة للمناقشة والاستقصاء خلال فترة من الوقت وذلك في بيئة تعاونية.
 
 
الأساس العلمي:
 
 تقوم هذه الإستراتيجية على عدد من الافتراضات العلمية والتربوية المرتبطة بالمعلمين، وعملية التعلم، والتطوير المهني، ومن أهم هذه الافتراضات:
 
• إن لدى المعلمين المعرفة والمهارة والرغبة في اتخاذ القرارات بشأن نموهم المهني، حيث يستطيعون تحديد المشكلات التي تتعلق بالتدريس والتعلم، كما أن لديهم القدرة على التعاون في تصميم المجموعة الدراسية لمناقشة المشكلات.
 
• إن دراسة المشكلات المرتبطة بالممارسات الصفية تسمح للمعلمين بتطوير قدراتهم التربوية وربطها مباشرة بما يدور في المدرسة. حيث تتيح المجموعة الدراسية الفرصة للمعلمين من تحديد المشكلات التي تتعلق ببيئتهم، وهي بهذا الشكل تختلف عن تلك النشاطات المصممة من خبراء خارجيين (Little, 1993).
 
• إن تطوير مهارات الاتصال وزيادة التعاون بين المعلمين له أثر في تطوير العمل المدرسي، فمشاركة المعلمين في المجموعات الدراسية يساعد على تكوين مجتمع متعلم تعاوني داخل المدرسة يدعم مهنيتهم، ويخلصهم من عزلتهم. كما أن هذه المجموعات الدراسية تسهم في تطوير لغة تربوية مشتركة بين منسوبي المدرسة.
 
 
أسلوب التنفيذ:
 
ينبغي للمسؤول عن تنفيذ هذه الإستراتيجية فهم عدد من الخطوات الأساسية، هي:
 
• تحديد الموضوعات والمشكلات
 
يعد تحديد موضوعات معينة أو مشكلات مهمة للمعلمين من العناصر الأساسية لهذه الإستراتيجية. تتراوح هذه الموضوعات من مشكلات ترتبط بالمدرسة إلى مشكلات ترتبط بالتدريس. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يناقش معلمو أحد الصفوف كيفية تكامل المواد الدراسية من خلال قراءة بحث ومناقشته ويمكن استضافة مشرف تربوي أو باحث متخصص لمناقشة الأسلوب العلمي لتكامل المواد وكيفية تأثير ذلك على تعلم الطلاب.
 
 
• اختيار نموذج المجموعة الدراسية
 
اقترح كل من ماكباين وسبراقيو (Makibbin & Sprague, 1991) أربعة نماذج لتركيب المجموعات الدراسية وفقًا لطبيعة الموضوعات. النموذج الأول، هو النموذج التطبيقي وهو مصمم لدعم تطبيق الاستراتيجيات الحديثة التي تم تعلمها من خلال المناقشة والتفكير والتحليل. أما النموذج الثاني، فهو النموذج التأسيسي حيث يهدف إلى تحسين الممارسات الصفية بتوظيف ممارسات جديدة تم تعلمها. في حين يطلق على النموذج الثالث بنموذج المجموعة البحثية، حيث تنظم لمناقشة نتائج أبحاث جديدة وكيفية ربطها بالصف الدراسي. أما النموذج الرابع والأخير، فهو المجموعة الدراسية الاستقصائية، وهي وسيلة للمعلمين لدراسة موضوع أو ممارسة يرغب مجموعة من المعلمين تعلمها بصورة متعمقة، حيث يقرأ المعلمون حول الموضوع ثم يناقشونه ويطبقون الاستراتيجيات الجديدة.
 
 
 
متطلبات التطبيق:
 
كي تنجح هذه الإستراتيجية في التطوير المهني، ينبغي توافر عدد من المتطلبات، هي:
 
 
• الوقت
 
تتطلب هذه الإستراتيجية، كغيرها من الاستراتيجيات، الوقت المناسب لتعاون أفراد المجموعة. يمكن أن يكون على هيئة اجتماع لمرة واحدة كل أسبوع وذلك على مدى عدد من الشهور. في هذه الصيغة تضع المجموعة جدولاً زمنيًا للاجتماعات يحافظ على انتظامية العمل بصورة مستمرة.
 
 
• دعم المدرسة
 
يعتمد نجاح المجموعة الدراسية على دعم إدارة المدرسة وتشجيعها وتحفيزها. إذ إن تخصيص وقت لهذه الإستراتيجية في الجدول الدراسي يعني بعث رسالة ضمنية للمعلمين بأهمية التطوير المهني.
 
 
• تحديد الموضوعات
 
ينبغي تحديد موضوع أو مشكلة معقدة تحفز المعلمين على العمل كمجموعة تعاونية منسجمة يدعم بعضها بعضا. ويجب ألا يكون مدى الموضوع محدودًا بحيث يناقش في جلسة واحدة أو جلسات معدودة.
 
 
• نشاطات المجموعة
 
ينبغي أن تحدد المجموعة نشاطاتها، فهل ستستخدم القراءة لمناقشة بحث؟ أو هل ستوظف القراءة لتعلم طرق تدريسية جديدة؟ أو هل ستناقش نتائج ورشة عمل معينة؟ أو هل ستستخدم طريقة أخرى؟
 
 
• مهارات التفاعل داخل المجموعة
 
ينبغي أن يطور أفراد المجموعة مهاراتهم الاتصالية لأن التفاعل داخل المجموعة يقتضي امتلاك مهارات التعاون لأجل تحقيق الهدف المشترك.
 
 
 
 
 
5- تفحص أعمال الطلاب
 
تقوم هذه الإستراتيجية على مناقشة مجموعة من المعلمين لقضية معينة تتعلق بالطلاب. فعلى سبيل المثال، قد يكون لدى ثلاثة معلمين مشكلة معينة مثل انخفاض مستوى الطلاب في إحدى المواد ولحل هذه المشكلة يلجأ المعلمون إلى جمع عينة من أعمال الطلاب قد يصل عددهم إلى عشرة طلاب، مثلاً، ثم يقومون بتفحصها بحرص للبحث عن سبب المشكلة. يمكن للمعلمين من خلال النقاش فهم طريقة تفكير الطلاب، مما يقود في النهاية إلى البحث عن أفضل الحلول لرفع مستوى الطلاب (Ball & Cohen, 1995).
 
 
الأساس العلمي:
 
أشار أيفانز (1993) Evans إلى أن أداء الطالب يفتح الباب للنقاش حول جوهر ما يفترض أن يحدث في الصفوف الدراسية. فعينات أعمال الطلاب تظهر بصورة ملموسة ما يعرفه الطلاب فعلاً من المادة الدراسية وما لا يعرفونه منها. عمومًا، تقوم هذه الإستراتيجية على عدد من الفرضيات العلمية والتربوية المرتبطة بالمعلمين، وعملية التعلم، والتطوير المهني، ومن أهم هذه الافتراضات:
 
• يعد تجويد تعلم الطالب النتيجة النهائية لنشاطات التطوير المهني، فكلما فهم المعلم حقيقة عمل الطلاب كلما كان ذلك أفضل في تطوير أدائه. لذا يختلف هذا النوع من التطوير المهني عن ذلك الذي يركز على تطوير الممارسات التدريسية بصورة مباشرة. فتفحص عمل الطالب يوجه تفكير المعلم إلى نتائج تدريسه للطلاب بحيث يكشف عن التفاوت فيما يعتقده المعلم أنه درسه بصورة جيدة وما يظهره تعلم الطالب وأداؤه.
 
• يتعلم المعلم حينما يواجه مشكلات حقيقية في صفه الدراسي، فحينما يتفحص المعلم المشكلات الحقيقية في صفه الدراسي، فإنه في الواقع يحكم على نوعية تعلم طلابه، وبالتالي على طريقة تدريسه.
 
• تعكس نتائج الطالب حقيقة ما يعرفه وطريقة تفكيره، فعندما يتفحص المعلم أداء الطالب، فإنه يتعمق في درجة تعلمه مما يقوده إلى تصميم خبرات تعلمية جديدة مناسبة.
 
 
أسلوب التنفيذ:
 
ينبغي للمسؤول عن تنفيذ هذه الإستراتيجية فهم عدد من الخطوات الأساسية، هي:
 
 
• نوعية عمل للطالب وكميتها
 
تزداد النقاشات بين المعلمين حينما يزداد تنوع أعمال الطلاب وطبيعتها أكثر من مناقشة أعمال الطلاب ذات الإجابات الموضوعية، حيث ينبغي الإطلاع على شروحات الطلاب التي تعكس طريقة تفكيرهم.
 
 
• نقاشات المعلمين
 
على الرغم من إمكانية تأمل المعلم لعمل مجموعة من الطلاب، إلا أن تفحص أعمال الطلاب من قبل مجموعة من المعلمين عملية مثمرة لما في ذلك من تعدد وجهات النظر.
 
 
 
متطلبات التطبيق:
 
كي تنجح هذه الإستراتيجية في التطوير المهني، فإنه ينبغي توافر عدد من المتطلبات، هي:
 
• توفير الوقت المناسب
 
هذه الإستراتيجية كغيرها من الاستراتيجيات تحتاج إلى وقت لدراسة أعمال الطلاب والتفكير فيها.
 
 
• توافر خبير
 
تحتاج أحيانا هذه الإستراتيجية إلى مشاركة خبير في المجال المستهدف. فإذا كان التركيز على إجابات للأسئلة فيفضل أحيانًا أن يكون هناك خبير في التقويم التربوي.
 
 
 
 
 
6- المراقبة وتدريب الأقران
 
 يعد تدريب الأقران من استراتيجيات التطوير المهني التي تقدم فرصة للمعلم كي يتعلم من زميل له في تطوير ممارساته التدريسية. يمكن أن يكون التدريب بين زملاء ذوي قدرات متشابهة. وقد يتجاوز التدريب الملاحظة الصفية التي يمارسها زميلان فيما بينهما لتتضمن نشاطات متنوعة مثل: التخطيط التعاوني للتدريس، وتطوير مواد تدريسية، والتفكير معًا حول تأثير المهارات والسلوكيات التدريسية على الطلاب (Showers & Joyce, 1 996). أما المراقب فهو معلم ذو خبرة يكون بمثابة صديق وقائد للمعلمين الأقل خبرة. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يكون المراقب معلمًا ذا خبرة في مجال معين بينما المعلمون الأقل خبرة يمكن أن يكونوا معلمين جددًا. يقوم المراقب في هذا المجال بدور المعلم، أو المدرب، أو النموذج، أو مطور القدرات.. الخ.
 
 
الأساس العلمي:
 
تقوم هذه الإستراتيجية على عدد من الافتراضات العلمية والتربوية المرتبطة بالمعلمين، وعملية التعلم، والتطوير المهني، ومن أهم هذه الافتراضات:
 
• ملاحظات المعلمين لبعضهم بعضا يمكن أن يطور الممارسات التدريسية.
يؤدي كثير من المعلمين دورهم في الصف بصورة تلقائية دون وعي بآثار كثير من حركاتهم وتصرفاتهم ومهاراتهم التدريسية. من خلال وجود مراقب يكون دوره بمثابة مرآة تعكس سلوكيات المعلم في الصف الدراسي يمكن أن يتفحص طريقة أدائه.
 
• قد يواجه تجريب أحد المعلمين لممارسات تدريسية جديدة مشكلات أو عقبات مختلفة، لذلك فإن ثقة هذا المعلم تكون منخفضة، وبالتالي يحتاج هذا إلى المساعدة والدعم من زميل له.
 
• المعلمون هم مهنيون لديهم الخبرة والتجربة، وتعد ملاحظاتهم مصدرًا للمعرفة والمهارات لزملائهم. هذا يعني أنه ليس بالضرورة أن تكون الخبرات التي يتلقاها المعلم من خارج أسوار المدرسة.
 
 
أسلوب التنفيذ:
 
ينبغي للمسؤول عن تنفيذ هذه الإستراتيجية فهم عدد من الخطوات الأساسية، هي:
 
 
• التركيز على عمليتي التعليم والتعلم
 
يكون التدريب والمراقبة أكثر نجاحًا حينما يتوجه المعلمان إلى تفحص مهارات واستراتيجيات تدريسية معينة، أو تفاعلات الطلاب، أو الكشف عن استراتيجيات التعلم. وينبغي لكليهما أن يحددا مسبقا هدف الملاحظة.
 
 
• تحديد التغذية الراجعة.
 
ينبغي أن يحدد كل من الملاحِظ والمُلاحظ نوعية التغذية الراجعة المتوقعة، ثم يوجه الاجتماع اللاحق وفقا لذلك التحديد.
 
 
• تحديد فرص التفاعل
 
يحتاج المعلمان إلى تحديد أوقات غير تلك المتعلقة بالملاحظة في غرفة الصف. إذ يجب الاجتماع قبل الملاحظة وبعدها، وذلك لتحديد الأهداف القبلية وتفحص نتائج الملاحظة.
 
 
متطلبات التطبيق:
 
 كي تنجح هذه الإستراتيجية في التطوير المهني، فإنه ينبغي توافر عدد من المتطلبات، هي:
 
 
• مناخ للثقة والتعاون والنمو المستمر
 
يعد هذا المتطلب من المتطلبات الضرورية بسبب طبيعة التدريب والمراقبة. فالاطلاع على مواطن الضعف وجوانب القوة في الأداء تتطلب وجود زميل موثوق وذي تفكير نقدي.
 
 
• التزام من المعلمين
 
يتوقف تأثير المراقبة والتدريب في تطوير المعلمين مهنيًا على مقدار الوقت المخصص. وعمومًا، يحتاج بناء الثقة لتجربة الأفكار ونقدها وقتًا طويلاً.
 
 
• المهارات الشخصية
 
يتطلب التدريب والمراقبة مهارات خاصة في الملاحظة وتقديم التغذية الراجعة والاتصال مثل التوضيح وإعادة صياغة الحديث والاستماع. كما تتطلب فهما لعملية التغيير وتعلم الكبار. علاوة على فهم المحتوى وكيفية تعلم الطلاب لما لذلك من أثر كبير على النمو المهني.
 
 
• الدعم.
 
يجب أن تقدر الإدارة المدرسية تلك العلاقة وتوفر لها الوقت اللازم للتعاون.
 
 
 
 
الخلاصة
 
إن كل معلم ومدير مدرسة ومشرف تربوي يستحق الفرصة لتطوير مهنيته بصورة عالية تؤدي بدورها إلى تعلم راق لدى الطلاب. لذا، ناقشنا أن الطرق التقليدية للتطوير المهني مثل تحديد المعلمين أو تحديد مديري المدارس الذين ليس لديهم دورات تدريبية، أو حصر من كانت دوراتهم التدريبية قليلة، لم تعد طريقة كافية في تطوير الممارسات داخل المدارس. كما أن الاكتفاء بما تقدمه الجامعات من فرص تدريبية تتمثل في دورات تربوية قد تكون فاعليتها محدودة، لصلتها غير القوية بما يجري فعلًا في الصف الدراسي أو في المدرسة بوجه عام.
 
 
وقد حاولنا تجلية النظرة التقليدية للتطوير المهني التي تركز فعالياته وبرامجه على الأفراد كمعلمين إلى تركيزها على وظيفة المدرسة بوجه عام. ومع تناولنا لأبعاد التطوير المهني وأدواره المختلفة، إلا أننا نؤكد مرة أخرى أن معظم الأنظمة التعليمية المتقدمة تركز على توجيه أنشطة التطوير المهني إلى تحسين التدريس إذ تعده الهدف الأساس لهذه العملية Landon & Shirir, 1986; Bradford, 1989; Sheerin, 1991)). فكثيرًا ما تربط تلك الأنظمة بين كل من تصميم برامج التطوير المهني من جهة، بنتائج الطلاب وتنمية مهاراتهم من جهة أخرى Murphy, 1989;
 Pink, 1989) (Joyce, Murphy, Showers &.
 
 
كما عرضنا في النهاية إلى خمس استراتيجيات للتطوير المهني بصورة تفصيلية يمكن أن توظفها المدرسة في تحقيق الارتقاء بوعي المعلمين وإكسابهم المعارف والمهارات المناسبة ذات العلاقة بوظيفة المدرسة في تعليم الطلاب.
 
 
 
 
 
 
المراجع 
 
اتجاهات ومفاهيم وتطبيقات حديثة في التربية - سلسلة التثقيف التربوي (1) ، إعداد : د. منصور عبد العزيز بن سلمه ، أ. محمد بن عبد الله الزغيبي  د. راشد بن حسين العبد الكريم   د. وجيه قاسم القاسم ، من إصدار وزارة التربية والتعليم في المملكة العربية السعودية ، الطبعة الأولى ، 1429هـ - 2008م
 
 
Ball,‎‏ ‏D.‎‏ ‏L.,‎‏ ‏&‏ ‏Cohen,‎‏ ‏D.‎‏ ‏‎(1995).‎‏ ‏Developing‏ ‏practice,‎‏ ‏developing  ‎practitioners: Toward a practice-based theory of professional education. ‎Paper presented at the NCTAF, NY.‎
Bradford,‎‏ ‏D.‎‏ ‏‎(1986).‎‏ ‏The‏ ‏metropolitan‏ ‏teaching‏ ‏effectiveness‏ ‏cadre. ‎Educational Leadership, 43 (5), 53- 55.‎
Brown, C. A., & Smith, M. S. (1997). Supporting the development of ‎mathematical pedagogy. The Mathematics Teachers, 90 (2), 138 -143.‎
Duckworth,‎‏ ‏E.‎‏ ‏‎(1986).‎‏ ‏Teaching‏ ‏as‏ ‏research.‎‏ ‏Harvard‏ ‏Educational Review, ‎‎56 (4), 481- 495.‎
Evans, C. S. (1993). When teachers look at student work. Educational ‎Leadership, 50 (5), 7 1-72.‎
Pullan,‎‏ ‏M.,‎‏ ‏Rolheiser‏ ‏‎-Bennet,‎‏ ‏C.,‎‏ ‏&‏ ‏Bennett,‎‏ ‏B.‎‏ ‏‎(1989).‎‏ ‏Linking ‎classroom and school improvement. Paper presented at the American ‎Educational Research Association annual meeting, San Francisco.‎
Grossnickle,‎‏ ‏D.‎‏ ‏R.,‎‏ ‏&‏ ‏Layne,‎‏ ‏D.‎‏ ‏‎(1991).‎‏ ‏A‏ ‏shared‏ ‏vision‏ ‏for‏ ‏staff ‎development: 
principles, processes, and linkages. NASSO Bulletin, 75 ‎‎(536), 88 -93.‎
Good, T. (1989). Using classroom and school research to professionalize ‎teaching. 
Paper presented at the International Congress for Effective ‎Schools.‎
Rotterdam, Holland.‎
La Rosa, L. ( 1 987). Professional development for new assistant principals. ‎Educational Leadership, 45 ( 1 ) , 49-5 1 .‎
Landon, G. L., & Shirir, W . (1986). A practical approach to school ‎improvement.‎
Educational Leadership, 44 ( 1 ) , 73-75.‎
Lieberman, A., & Miller, L., (Eds.) (1991). Staff Development for education ‎in the ' 90s‎ ‎(2"d ed.) New York : Teachers College Press.‎
Little, J. W. (1993). Teachers' professional development in a climate of  ‎educational reform. Educational Evaluation and Policy Analysis, 15 (2), 129- 151. 
‎ Little, J, (1982), Norms of collegiality and experimentation: Workplace ‎conditions and school success, American Educational  esearch Journal, 5 (19), 325-340.
Loucks - Horsley, S,, Harding, C, K, Arbuckle, M, A, Murray, L B , , ‎Dubea, C,‎ Williams, M, K (1987), Continuing to leam: A guidebook for teacher‎ development. Andover, Oxford, MA.
Love, A J, (Ed,) (1982), Developing effective intemal evaluation, San ‎Francisco: Jossey-Bass,‎
Makibbin, S., & Sprague, M. (1991). Study groups: Conduct for reform. ‎Paper
presented at the annual meeting of the NSDC, St. Louis, MO.‎
Miller, D. M., & Pine, G. J. (1990). Advancing professional inquiry for ‎educational improvement through action research. Journal of Staff Development, 11 (3), ‎56- 61 .‎
Sagor, R . ( 1991 ) . What LEARN reveals about collaborative action ‎research.‎
Educational Leadership, 45 (1), 49-51 .‎
Sheerin, J. (1991). How instructional leaders view staff development. ‎NASSP Bulletin,‎ ‎75 (536), 8-14.‎
Showers, B., Joyce, B,. (1996). The evolution of peer coaching. Educational
Leadership, 53 (6), 12-16.‎
Showers, B., Joyce, B . , & Bennett, B. (1987). Synthesis of research on staff‎
development: A framework for future study and a state of the art analysis.‎
Educational Leadership, 54, 77-87.‎
Sparks, D., & Loucks-Horsley, S., ( 1989). Five models of staff ‎development for
teachers. Journal of Staff Development, 10 (4), 40-55.‎
Joyce, B., Murphy, C. , Showers, B., & Murphy, B. (1989). Restructuring ‎the
workplace: School renewal as cultural change. Paper presented at the American Educational Research Association annual meeting, San Francisco.‎
Joyce, B. (1991). The doors to school improvement. Educational Leadership, ‎‎48 (8),‎ ‎59- 62.‎
Peixotto, K. M., & Palmer, J. (1994). Designing effective professional  development. A toolkit for professional developers: Alternative assessment. Portland, OR :‎ Regior Educational Laboratory Network Program on Science and Mathematics Alternative Assessment.‎
Pink, W. ( 1 989). Effective development of rural school improvement. ‎Paper presented at the AERA annual meeting, San Francisco.‎  
 
 
 
 
توثيق مصدر المقال
تلتزم   مهارات النجاح للتنمية البشرية بحماية حقوق المؤلفين وكتاب مقالات تعلم وإبرازهم . ولتوثيق ذلك نود هنا أن نبرز معلومات توثيقية عن كاتب المقال: د. محمد بن علي شيبان العامر

اکتب تعليق جديد

Image CAPTCHA
Enter the characters shown in the image.