شيخ الإشراق ..

هو يحيى بن حبش، ولد في سُهرَوَرد من مدن زنجان (شمال غرب إيران) سنة ٥٤٩هـ. تلقى السهروردي مبادئ العلوم في مراغة (من مدن آذربايجان)، ثم انتقل إلى أصفهان، مركز الحركة العلمية بإيران آنذاك، وحين اكتمل نضجه العلمي دخل في مرحلة «التعاطي الفكري» مع كبار علماء عصره، فطاف في مدن إيران ليلتقي العلماء والمشايخ، ولم تسعه إيران فخرج منها إلى بغداد، ثم سافر إلى تركيا وبلاد الأناضول، ثم استقر به المقام أخيراً في حلب، وبقي فيها حتى حُكمَ عليه بالإعدام سنة ٥٨٧هـ / ١١٩١م.

هذه الحركة الدائبة عند السهروردي هي صفة عامة لعلماء دائرتنا الحضارية على مرّ القرون. ولها دلالات كبرى منها:

إن العلماء لم يكونوا منغلقين على أنفسهم بل كانوا يجدون الحوار مع الآخر وسيلة لابدّ منها لنموّ علومهم وتكامل حياتهم العلمية.

ومنها: وحدة مجموعتنا الحضارية الإسلامية، فلقد كانت مدن إيران ومدن العراق ومدن الشام كلها حواضر بلاد واحدة متواصلة مترابطة ثقافياً وعلمياً، ولم يشكل بُعد المسافة بينها عائقاً لهذا التواصل، رغم مشقة الأسفار وأخطار الطرق وبدائية وسائط النقل.

هذا الرجل الذي يعتبر من رموز التواصل العربي - الإيراني اهتمّ به الأوربيون أكثر من العرب وأكثر من الإيرانيين أنفسهم. وأذكر من هؤلاء المهتمين الغربيين (بروكلمان) في كتابه «تاريخ الأدب العربي»، فقد تقصّى النسخ الموجودة من مؤلفات السهروردي بالمكتبات العالمية. ثم (ريتر) الذي قضى سنوات طويلة في اسطنبول يبحث عن السهروردي، و (ماسينيون) الذي تناول حياة السهروردي العلمية، وحاول أن يحيط بالتطور الفكري في منظومة هذا العالِم في كتابه «تاريخ التصوف».

اکتب تعليق جديد

Image CAPTCHA
Enter the characters shown in the image.