المشكلة في عالمنا الإسلامي لم تكن يوماً مذهبية بل سياسية بامتياز

الأوضاع الراهنة في العالم الاسلامي وسبل انقاذ الأمة الإسلامية من الدخول في دوامة الفتن والتحريض المذهبي، ملفات شكلت محور المواقف المشتركة في الاجتماع الدولي للمجلس الأعلى للتقريب بين المذاهب الإسلامية الذي عقد، الجمعة، في بيروت، وقد أكد فيه الحاضرون على أن ما تمر به المنطقة ليس نزاعا طائفيا بين المذاهب الإسلامية، إنما هو نزاع سياسي بامتياز صنعته أيادٍ خارجية.
وقد حضر الاجتماع في يومه الأول، شخصيات علمائية هامة من مختلف المذاهب الإسلامية حول العالم، اكدوا موقفهم الموحد من تحقيق التقريب بين المذاهب في مواجهة الفكر التكفيري المفرّق والأجندة الغربية المفروضة، بالإضافة إلى ضرورة تأسيس مجامع وحدوية للعلماء المسلمين لتفعيل النشاط التقريبي لدى المجتمعات الإسلامية.
وفي هذا الإطار، أكد نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم أهمية إيجاد صيغ جديدة تساهم في التقريب بين العالم الإسلامي، عبر تفعيل جلسات الحوار والمناقشات المباشرة بين علماء المذاهب المتعددة، من أجل إبراز الصورة الحقيقية للإسلام الوحدوي، مقترحا على أعضاء المجمع ان يؤمَّن التواصل بين العلماء والقيادات التي لا تعمل في إطار التقريب، لمحاولة إيجاد صلة وصل معها وتبادل وجهات النظر من اجل التخفيف من التشنجات المذهبية.
وأشار الشيخ قاسم إلى ضرورة إيجاد طرق للتقريب بما يتناسب مع أوضاع كل بلد على حدة، وقال: إننا في لبنان، عقدنا جلسات حوارية بين حزب الله وحزب المستقبل اعتقادًا منّا بأن ذلك سيساهم في تخفيف الاحتقان المذهبي.
وشدد سماحته على ان المشكلة في عالمنا الإسلامي لم تكن يوما مذهبية بين الشيعة والسنة بل كانت ولازالت مشكلة سياسية يراد بها تدمير المقاومة وتحقيق مشاريع غربية، مضيفاً: إن هذا الاستغلال المذهبي هو لخدمة المشروع السياسي، ولا يشكل محور المواجهة.
وقال الشيخ قاسم: إن المقاومة الإسلامية في لبنان اتبعت منذ البداية خطا تقريبيا وحدويًّا بين المذاهب الإسلامية، مشيرا إلى انها كانت شريكة مع السنة في فلسطين في مواجهة العدو الصهيوني، مؤكدا اهمية ابراز هذه العناوين في مواقف العلماء وخطبهم.
واوضح سماحته ان الجمهورية الإسلامية الإيرانية لعبت دورا هاما في إطار تحقيق الوحدة الإسلامية والتقريب بين المذاهب عبر مواقف عديدة، مشيرا إلى موقف الإمام الخامنئي حول حرمة المساس بنساء النبي (ص)، الذي اضيف إلى موقف الإمام الخميني حول جواز الصلاة في موسم الحج إلى جانب المذاهب الإسلامية كافة.
بدوره، عرض الأمين العام لمجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية الشيخ محسن الأراكي تقريرا مختصرا حول إنجازات المجمع، بالإضافة إلى مقررات اللجنة التنظيمية للمؤتمر، مقدما مقترحات عدة لإعانة المجمع على تنفيذ مهامه وزيادة نشاطه الوحدوي.
وفي سياق متصل، أكد المفكر الإسلامي المصري محمد سليم العوّا ان علاقة مصر بفكرة التقريب بين أهل المذاهب هي علاقة قديمة جدا، فلم ينكر الأزهر منذ تأسيسه المذهب الشيعي، مضيفاً: إن العمل التقريبي في مصر يمر حاليا في مرحلة خُفوت، ليس لكونها مسألة صعبة، بل لشدة مهاجمة كل من يتحدث حول الوحدة الإسلامية.
وقال العوا في حديث لموقع (العهد) الإخباري: إن السياسة في مصر أثرت بشكل سلبي في دور العلماء، مشيرا إلى ان هذا الأمر في مصر لن يطول أبدا، وستعود مصر إلى ريادة الدور التقريبي رغم كل الظروف السيئة.
الى ذلك أكد الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية الشيخ محسن الأراكي، أن اجتماع بيروت لعلماء المذاهب الإسلامية اليوم يبحث الخروج بمشروع حول الوجوب الشرعي لدعم الانتفاضة والقضية الفلسطينية بكل ما يمكن، مشدداً على ضرورة دعم مقاومة الشعب الفلسطيني حتى يتمكن من تحرير أرضه من البحر إلى النهر.
واوضح الشيخ الاراكي في لقاء مع قناة العالم، أن اجتماع الخميس كان خاصاً بالمجلس الأعلى للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، مبيناً أن اجتماع عصر (الجمعة) سيكون اجتماعاً لمجموعة من منتخبي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين من أجل الإعلام عن دعمهم للإنتفاضة وإبداء المواقف الحاسمة والصريحة فيما يخص الوجوب الشرعي لدعم الانتفاضة والمجاهدين الفلسطينين بكل ما يمكن.
ولفت إلى أن بعض القوى السياسية ومن أجل أن تستحوذ على الميدان وتحكم سيطرتها على منطقة معينة وتنفذ أغراضها السياسية تستخدم ورقة الشيعة والسنة من أجل أن تستقطب جهة لصالحها على حساب جهة أخرى.
وخلص الشيخ الاراكي إلى القول إنه: ليست هنالك قضية باسم الشيعة والسنة تثير الأحداث في سوريا مثلاً كما أن الخلاف ليس بين الشيعة السنة في ليبيا أو في اليمن أو العراق.. فالخلاف هو خلاف بين فئات سياسية تتصارع فيما بينها وأحياناً تستخدم الورقة المذهبية لتحكم سيطرتها أو لاستقطاب أتباعها أو لاستقطاب أكبر عدد ممكن من الموالين لها..
وصرح الشيخ الأراكي أنه: لابد لكل المسلمين أن يؤيدوا ويدعموا وينصروا الشعب الفلسطيني بكل ما أوتوا بالسلاح والمال والعتاد والدعم المعنوي والإعلامي، لكي يستطيع من تحقيق أهدافه في تحرير الأرض الفلسطينية من البحر إلى النهر.
المصدر: الوفاق

اکتب تعليق جديد

Image CAPTCHA
Enter the characters shown in the image.