فـأشرقَ الـحُسْنُ من عِطْفَي أبي حَسَنٍ

نـحوكَ الـسُفْنُ صَـلَّت أنت معبَدُها

يـسوقُها الـشوقُ لا ( لَـوحٌ ولا دُسُرُ)

وتـعزِفُ الـرِيحُ مـن أشواقِها سُوَراً

كـم رَنَّـمَ الرِيحَ (ما جاءت به السُوَرُ)

ألـواحُـها أضْـلُعٌ والـعِشْقُ أثـقَلَها

فـقَوَّسَتْ عُـودَها كـي يُـجْتَنى الثَمَرُ

بـحورُها الـحُبُ سَـيَّالٌ عـلى لُجَجٍ

وصـفوها الآلُ لا مـن صـفوُهُم كَدَرُ

حِـبـالُها الـوَلَـهُ الـمُمتَدُّ مـن أزَلٍ

مـن عـالَمِ الـذَرِّ حـتى يُبعَثَ البَشَرُ

شِـراعُها الـنبضُ قَـفَّاءٌ عـلى أَثَـرٍ

كـم تَـيَّمَ الـنبضَ في رَملِ الهوى أَثَرُ

رُبَّـانُها الـعِشقُ في الأحشاءِ مُضطَرِمٌ

ومَـجْمَرُ الـعِشْقِ لا يُـبْقِي ولا يَـذَرُ

يـا دَوحَـةُ الـشِعْرِ بـاعِد بينَنَا سَفَراً

مـا عـادَ في الرَوعِ شِبْرٌ ما بِهِ صُوَرُ

كـم يـرْقَبُ الـليلُ فَجراً أنتَ مبْسَمُهُ

وتـرتَـجي دِفـأَكَ الـسُمَّارُ والـسَحَرُ

وكــم تـهـيمُ إلـى مـثواكَ ألـوِيَةٌ

مـن عـالَمِ الـنورِ زُمْـرَاً تِلْوَها زُمَرُ

كـم قـارَبَ الـنَفَسُ الـولهانُ خُطوَتَهُ

وسـابَقَ الـطيرَ فـوَّاحُ الـوَلا العَطِرُ

كـم أطـبَقَ الـجَفْنُ أستاراً على مُقَلٍ

إلَـيْكَ يـحدو بـها الـتِرْحالُ والسَفَرُ

حـتى بَـدَت قُـبَّةٌ لـلشمسِ سـامِقَةٌ

مـن عَـسْجَدِ الـخُلدِ لُفَّتْ حولَها الأُزُرُ

فـهَـوَّمَتْ حـولَـها الأرواحُ مُـنشدَةً

وصـوتُها فـي عُـلا الأفـلاكِ يفتَخِرُ

فَـدَتْـكِ يــا طـوسُ أرواحٌ وأفـئدةٌ

أنـتِ الـمعينُ ومِـنْكِ الوِرْدُ والصَدَرُ

فـي لـيلةٍ بَـزَّتِ الـدُنيا وما انبَلَجت

إلاّ عـلى صُـبْحِكَ الـوَضَّاءِ يـزدَهِرُ

شَـعَّت بـها (نـجمةٌ) بالنورِ قد حمَلَت

فـنُورُها أخـجَلَ الـجوزاءَ بل عُشُرُ

في طورِ (موسى) استَوَت ناراً على عَلَمٍ

ودونَـهـا جَـذْوَةُ الـفِردَوسِ تَـنْسَتِرُ

جـاءت بـه قَـمَراً تَـمَّاً وهل ولَدَت

بِـنْتُ الأُرُومـةِ إلاّ مـا زكـى الجُذُرُ

فـأشرقَ الـحُسْنُ من عِطْفَي أبي حَسَنٍ

سُـلالَةُ الـشمسِ يـرنو نحوَها البَصَرُ

وأفـرغَت صُـحْفَها الأمـجادُ وامْتلأت

مـن جـودِ ألـطافِهِ الألـطافُ والمِيَرُ

وصَـوَّتَ الـروحُ والأمـلاكُ قـاطِبَةً

مـن وَحـيِ هَدْيِ الرِضا فلتُمْلأِ الزُبُرُ

بـالنورِ أَخْـمَدْتَ نـاراً سـيدي فمتى

نـارُ الـحشا تنطَفِي مُذْ ينقَضي الوَطَرُ

يـا بـاعث الأُسـدِ من جُدرانِ ظالِمِها

عَـرِيـنُنا خـامِـدٌ يـشـتاقُهُ الـظَفَرُ

يـا رافِـعَ السِتْرِ ما الريحُ التي عبَرَت

إلا زفـيـرُ مُـحِـبٍ عـاقَـهُ الـقَدَرُ

يـا كـاشِفَ الـكَربِ عن زوَّارِ مرقَدِهِ

سَـلامُـنا الـمُبتَدا إذ جُـودُكَ الـخَبَرُ

يـا عـالِمَ الآلِ فاِضْرِب بالعَصَا لُجَجَاً

مِـنَ الـمعارِفِ حـتى يُـقرَأَ السَطَرُ

هـنا (الرِضا) نُفِخَت في الصُورِ مِدْحَتُهُ

مـا عـاقَ أصـداءَها بـاغٍ ولا أشِرُ

ثُـمَ (اتـرُكِ البَحرَ رَهواً ) (يتَّبِع سبباً)

لا يـقتَفِي حَـدَّهُ الـقِطرانُ والـحَجَرُ

يـا مـنبَعَ الـدينِ يـا مَـدَّاً لـدعوَتِهِ

مَــدٌّ بِـحَجْمِكَ لا يُـطوى ويَـنحَسِرُ

يـا ضـامِنَ الـخُلْدِ تهفو نحوَها مُهَجٌ

تـرومُ رؤيـاكَ... لاحُـورٌ ولا حَوَرُ

يـا بَـضْعَةَ المصطَفى خُذ من جوانَ حِنا

جَـمْرَ الـمدائِحِ يـستَشري ويَـستَعرُ

هـذي مـحافِلُنا بـالسعدِ قـد مُـلِئَت

مُـذْ تُشرِقُ الشمسُ تسمو نحوَها الزَهَرُ

هـذي مـشارِبُنا عـن غيرِكُم فُطِمَت

عـن غـيِّ شـانِئِكُم فـي سمْعِنا وَقَرُ

هـذي عـواتِقُنا بـالذنبِ قـد ثَـقُلَت

أنَّـى وأنـتَ بـنا تـدنو لـنا سَـقَرُ

هـذي حـوائِجُنا فـي سُـوْحِكُمْ هَتَفَت

قـبل الـخريفِ سـتؤتي تمرَها هَجَرُ

إن أجـدَبَت أرضُـنا أو مُـزنُنا مَنَعت

مِـنْكَ الـنميرُ فـأنت الـمُزنُ والمَطَرُ

بقلم: الشاعر: معتوق المعتوق
المصدر : الوفاق

اکتب تعليق جديد

Image CAPTCHA
Enter the characters shown in the image.