الفلسفة التربوية الاسلامية في العمق الانساني

وتختلف الفلسفة التربوية الاسلامية عن الفلسفات الأخرى في انها لا يمكن أن تفهم دون معرفة موقعها في إِطار التصور الاسلامي الكامل للإنسان والحياة، فهي ليست كماً منفصلاً عن غاية الدين ومنهج الاسلام في الحياة.

إن الإنسان لديه القدرة على التعلم واكتساب المعرفة، وهو أرقى المخلوقات جميعاً وأعلاها مرتبة لأنه جامع لكل صفاتها ومتميز عليها بالقدرة والاختيار فهو الكائن الحي، العاقل، القادر، المختار، المكلف، ولقد كرم الله الإنسان على سائر مخلوقاته، فالإنسانية في الإنسان ليست بجسده المادي المعقد، وإنما الإنسانية فيه هي ارتقاء بنفسه الى الدرجة التي تؤهله لتحمل تبعات التكليف وأمانة المسؤولية حتى تصل الى المقام الخاص به.

مبادئ تربوية هامة

ولقد تضمنت التربية الاسلامية، العديد من المبادئ التربوية الهامة ذات القيمة العلمية والإسلامية، وتحتل مكانة مرموقة في الفكر التربوي، ومن أهم تلك المبادئ، الرفق بالمخطئ والاشفاق عليه، فالإسلام لا يجيز مقابلة المخطئ بالعنف والقهر والتشنيع به والسخرية منه، لأن ذلك يؤدي الى اذلاله وتحطيم شخصيته، وأولى المخطئين بالاشفاق، من كان خطؤه عن جهل أو غفلة.

ولا يعني الرفق بالمخطئ، السكوت على خطئه، لأن في هذا اقراراً للخطأ، وتشجيعاً عليه، فالرفق والإشفاق لا ينافي تنبيه المخطئ الى خطأه بل زجره عنه بالرفق المناسب لظروف الخطأ بالتي هي أحسن.

فالمسلم الذي يخطئ، يجب ألا يعنّف، بل لابد أن يعلم لأن الشريعة الاسلامية أمرت بذلك في الكثير من وصاياها وتعاليمها.

ونستخلص من هذا إن الاشفاق مبدأ يأتي بثماره في تربية الناس ونشأتهم على الفضيلة اكثر من التعنيف والقهر، فما أحرى بالمجتمع الاسلامي أن يأخذ بهذا المبدأ، وما أحرى بالنظم التربوية في اتباع ذلك في تعليم الناس صغاراً أم كباراً.

إننا عندما نستخدم مبدأ التشجيع في التعليم، فإننا بذلك نزيد في قدرة المتعلم على التعليم وبالتالي تزداد رغبته في طلبه.

والإسلام يشجع المواهب ويحترم المشاعر ويغرس الثقة في نفوس المتعلمين، لأن ذلك يساعدهم في تكامل شخصياتهم ويدفعهم إلى انجاز العمل بكل دقة، وهذا يحرص الاسلام على احترام المتعلم، لأنه الاصل في العملية التربوية، وهو الغاية في عملية التعليم، فأول أدب يقدمه المعلم للمتعلم هو أن يكون بشوشاً في وجهة، ويظهر له البهجة والسرور، حتى يطمئن ويزول عنه التوتر فيتمكن من استقبال المعرفة من معلم لا يخشاه بقدر ما يحترمه.

وكما يحترم الاسلام المتعلم، فإنه يحث على الرفق به والحنوا عليه مقتدياً بالمعلم الاول (ص) الذي وصفه الله في قوله تعالى: (لقد جاءكم رسول في انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) التوبة:۱۲۸.

المصدر: الوفاق 

اکتب تعليق جديد

Image CAPTCHA
Enter the characters shown in the image.