بسم الله الرحمن الرحيم
إن آخر جمعة من شهر رمضان هو يوم القدس ، و قد تقع ليلة القدر في العقد الأخير من شهر رمضان ، وهي ليلة يعتبر إحياؤها ، سنة إلهية ، و تفوق منزلتها ألف شهر، وهي ليلة يقرر فيها مصير العباد . و يجب إحياء يوم القدس الذي يقع بجوار ليلة القدر ليكون منطلقاً لصحوة المسلمين حتى ينطلقوا من سباتهم الذي اكتنفهم عبر التاريخ ، خاصة خلال القرون الأخيرة و حتى يكون يوم الصحوة ،هذا أفضل من عشرات السنوات التي عاشتها القوى الكبرى و المنافقون في العالم ، و أن يقرّر مسلمو العالم مصيرهم بأيديهم و بقدراتهم و امكاناتهم .
إن المسلمين يتحررون في ليلة القدر من عبادة غير الله تعالى أي شياطين الإنس و الجن من خلال العبادة و مناجاة الله تعالى و يدخلون في عبادة الله . و يجدر بالمسلمين في العالم ، في يوم القدس ، وهو آخر جمعة في شهر الله الأعظم ، أن يتحرروا من قيود أسر الشياطين و القوى الكبرى وعبوديتهم ، وأن يتصلوا بقدرة الله التي لا تزول وأن يقطعوا أيدي مجرمي التاريخ من بلاد المستضعفين وأن يمنعوهم من مطامعهم .
أيها المسلمون في العالم .. و أيها المستضعفون في الأرض ...
انهضوا و قرّروا مصيركم بأنفسكم . إلى متى تجلسون بانتظار تقرير مصيركم في واشنطن أو موسكو ؟؟ و إلى متى تسحق قدسكم تحت أقدام نفايا أمريكا و «إسرائيل» الغاصبة ؟؟ و إلى متى تظل القدس و فلسطين و لبنان والمسلمون المضطهدون في تلك البقاع تحت سيطرة المجرمين ، و أنتم تتفرجون؟؟؟ ، و يلعب بعض حكامكم الخونة دوراً سلبياً في ذلك .
إلى متى يقف حوالي مليار مسلم في العالم و حوالي ما يقرب من مائة مليون عربي ببلادهم الواسعة و ثرواتهم الهائلة يتفرجون على نهب ثرواتهم و الظلم والمجازر اللاإنسانية التي يرتكبها الشرق والغرب و نفاياهم؟؟ .. إلى متى يتحملون الجرائم البشعة التي ترتكب ضد إخوانهم الأفغان و اللبنانيين ولا يردون عليهم ؟؟ .
إلى متى يجب أن نشهد المؤامرات السياسية و عمليات الاستسلام للقوى الكبرى حتى تضيع الفرصة و تمهل «إسرائيل» لارتكاب جرائمها المستمرة و مجازرها بدلاً من استخدام الأسلحة النارية والقوة العسكرية والالهية ضدها ؟؟. ألا يعلم رؤساء القوم ، و يدركوا أن المفاوضات السياسية مع الحكام الجبارين و مجرمي التاريخ لن تحرر القدس و فلسطين و لبنان ؟؟ و ستزيدهم جريمة وظلماً .
يجب استخدام الرشاشات المعتمدة على الإيمان و قوة الإسلام لتحرير القدس و رفض الألاعيب السياسية التي تشتم منها رائحة "المصالحة" و إرضاء القوى الكبرى .
على الشعوب الإسلامية خاصة شعب فلسطين و شعب لبنان أن يحذروا من اضاعة الفرص بالمناورات السياسية ، و أن لا يرضخوا للألاعيب السياسية التي لا ينتج عنها إلّا الخسارة والضرر لهذا الشعب المظلوم .
إلى متى يبهر الغرب و الشرق برموزهما الكاذبة المسلمين الأقوياء وتفزعهم أبواق دعايتهما الجوفاء ؟؟ .. و حتى متى يظل المسلمون غافلين عن قوة الإسلام العظيم .
لقد قام المسلمون خلال نصف قرن بفتوحات عظيمة وتحولات باهرة بأيد خالية من العتاد الحربي و قلوب مفعمة بالأيمان و لسان يردد ذكر (الله أكبر) و أسسوا بنيان الإسلام والتوحيد في عالم كان أقوى منه .
فإذا كانت تلك الانتصارات و التطورات المسجلة في التاريخ بعيدة عن أنظار المسلمين فإن انتصار الشعب الإيراني المجاهد الذي نهض بنفس دوافع جنود صدر الإسلام الذي كان سلاحهم الإيمان ، ماثل أمام أعين الجميع . لقد شهدت شعوب العالم و المسلمون أن الشعب الإيراني الشجاع الأعزل قد نهض ضد القوى الكبرى المعاصرة وأتباعهم في الداخل والخارج وحقق الثورة الإسلامية العظيمة بتلك السرعة الخارقة رغم جميع المشاكل و قطع أيدي جميع مجرمي التاريخ من بلاده العزيزة و استطاع القضاء على المؤامرات الأمريكية و مؤامرات الزمر اليسارية و اليمينية الواحدة تلو الأخرى بقلب مفعم بالإيمان و العقيدة و حضر في الساحة بكل فئاته رجالًا و نساءً صغاراً وكباراً بكل شجاعة ليقرروا مصير بلادهم بأيديهم القادرة ، و أن أسس الجمهورية الإسلامية قد استقرت اليوم بإرادة الله تعالى و بأيدي العناصر الملتزمة بالدين و الوفية للجمهورية الإسلامية ، التي استطاعت طرد من كانوا يثيرون الفتن ويحوكون المؤامرات من الساحة .
إن إيران تسير اليوم نحو البناء النهائي رغم الدعايات الموجودة في الخارج ورغم أجهزة الإعلام الأمريكية والصهيونية والمتضررين من الثورة ، وإن هذه عبرة للبلاد الإسلامية و المستضعفين في العالم حتى يعرفوا قدراتهم الإسلامية و أن لا يخيفهم إرعاب الشرق و الغرب و أتباعهما و نفاياهما و أن ينهضوا معتمدين على الله تعالى وعلى قدرة الإسلام والإيمان وأن يقطعوا أيدي المجرمين من بلادهم و أن يجعلوا تحرير القدس الشريف وفلسطين في مقدمة أعمالهم ، و أن يزيلوا وصمة عار الهيمنة الصهيونية هذه النفاية الأمريكية من أنفسهم و أن يحيوا يوم القدس . أرجو أن يستيقظ المسلمون و تزول الغفلة واللامبالاة من خلال إحياء هذا اليوم ، و أن تقوم الشعوب من خلال ثورتها بطرد بعض الحكام الخونة الذين وضعوا أيديهم في أيدي «إسرائيل» ينتظرون إشارة أمريكا رغم إرادة المسلمين والإسلام و يواصلون حياتهم السياسية المجرمة المليئة بالعار و أن تدفنهم في مقبرة التاريخ . أولئك الحكام الغاصبون الذين ينحازون إلى الكفار ويوجهون الضربة إلى الإسلام في حرب كالتي تجرى بين «إسرائيل» و صدام من جهة ، و المسلمين من جهة أخرى . يجب أن تتم إزالتهم من الساحة الإسلامية وعزلهم من حكومة المسلمين . على شعوب مصر والعراق الشرفاء وشعوب البلاد الإسلامية الرازحة تحت سلطة المنافقين أن ينهضوا ، و أن لا يعيروا اهتماماً لأجهزة الإعلام الفاسدة التابعة لهؤلاء المجرمين حيث تسعى إلى إظهارهم كمسلمين و أن لا يهابوا القدرات الزائفة لهؤلاء الخونة .
إن الشعب الإيراني و الحكومة و مجلس الشورى الاسلامي و الجيش و سائر القوى المسلحة في إيران ، تقف اليوم بالوحدة الإسلامية والإلهية صفاً واحداً عاقده العزم لمواجهة أية قوة شيطانية ومعتدية على حقوق البشرية وللدفاع عن المظلومين ، و أن تدافع عن لبنان و القدس الحبيبة حتى تعود القدس و فلسطين إلى أحضان المسلمين ، و على الجميع أن يعتبروا يوم القدس يوماً لجميع المسلمين بل لجميع المستضعفين وأن ينطلقوا من هذه النقطة الحساسة لمواجهة المستكبرين الناهبين للعالم ، و أن لا يسكتوا حتى تحرير المظلومين من ظلم الأقوياء . كما على المستضعفين الذين يشكلون الغالبية الساحقة من سكان البسيطة أن يتأكدوا أن تحقيق الوعد الإلهي قريب ، وأن نجم المستكبرين المشؤوم اخذ في الزوال والأفول .
إن الشعب الإيراني والإخوة والأخوات الأعزاء يعلمون جيداً أن الثورة الإسلامية التي ينعدم نظيرها أو يقلّ نظيرها تتمتع بقيم عظيمة أكبرها انتماؤها لمدرسة الإسلام الفكرية . تلك القيم التي نهض الأنبياء لأجلها ، أرجو أن تكون هذه الثورة شرارة بل نوراً إلهيا يؤدى إلى تحول عظيم في الشعوب المظلومة وأن ينتهي إلى شروق فجر ثورة بقية الله المباركة- أرواحنا لمقدمه الفداء- وعلى الشعب الإيراني الذي قام بثورة عظيمة كهذه أن يظل مهتماً باستمراريتها مسجلًا حضوره في ساحة إقامة العدل الإلهي أكثر فأكثر يا أعزائي، عليكم أن تعلموا أنه كلما زادت أهمية الثورة كلما زادت أهمية وضرورة التضحية في سبيل تحقيقها .
إن الثورة في سبيل الهدف الإلهي وإقرار حكومة الله هي نفسها التي قام الأنبياء العظام بالتضحيات من أجلها . و كان رسول الإسلام الاعظم مستمراً في التضحية والإيثار من أجلها بكل قوة حتى آخر لحظة من حياته الشريفة و قدّم أئمة الإسلام من أجلها كل ما كانوا يملكون ، وعلينا نحن الذين نعتبر أنفسنا أتباعهم و من أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أن نتأسى بهم وأن نتحمل المشاق في سبيل الحق بالصبر الثوري ، و أن لا نخاف مؤامرات الدّجالين الذين تظهر من أعمالهم آثار الضعف و الذل و أن نضحيّ في سبيل الحق والإسلام كالأنبياء العظام والأولياء المكرمين و إن الله تعالى سند للمجاهدين و المظلومين .
تحية للإسلام العظيم ، و للمجاهدين في طريق الحق ، و لشهداء الطريق الإلهي عبر التاريخ ..
تحية لشهداء إيران و فلسطين و لبنان و أفغانستان ..
و السلام على مجاهدي جبهات القتال ضد الباطل ...
والسلام على عباد الله الصالحين
روح الله الموسوي الخميني
شهر رمضان الفضيل عام 1399 هجرية
المصدر : تسنیم
اکتب تعليق جديد