العلامة الآصفي.. نموذج متميز للداعية والمفكر الإسلامي الحقيقي

ولادته واسرته

ولد آية الله الشيخ محمد مهدي الآصفي في النجف الأشرف عام ١٩٣٩ من عائلة دينية علمية، فكان جده مرجعاً دينياً في إيران، ووالده آية الله الشيخ علي محمد الآصفي من الفقهاء المجتهدين في النجف الأشرف.

سلوكه وزهده

ولكن أكثر ما كان يلفت النظر في سلوكه هو زهده العجيب؛ في ظاهره وباطنه؛ في مسكنه ومركبه وملبسه ومأكله، على الرغم من مكانته الدينية والعلمية والسياسية والإجتماعية الرفيعة؛ ما كان يسمح له أن يكون من الأثرياء وأصحاب المظاهر، ولكنه فضّل أن يعيش عيشة الفقراء الذين كان يحبهم ويرعاهم ويخدمهم بنفسه، إذ كان الشيخ الآصفي يشتري المواد الغذائية والسلع المنزلية ويملأ سيارته بها، ويخرج كل ليلة مع مرافقه ليوزعها بنفسه على الفقراء في بيوتهم، ولذا كان نموذجاً متميزا للداعية والمفكر والسياسي الإسلامي الحقيقي.

دراسته ونشاطاته العلمية والسياسية

جمع الشيخ محمد مهدي الآصفي بين الدراستين الدينية والأكاديمية، إذ تخرج من كلية الفقه في النجف الأشرف في دورتها الأولى، ثم درس الماجستير في جامعة بغداد، وتتلمذ في دراسته الدينية في حوزة النجف الاشرف العلمية على يد كبار الفقهاء ومراجع الدين.

انتمى الى حزب الدعوة الإسلامية في عام ١٩٦٢، وما لبث أن أصبح من كوادره المتقدمة ومسؤولاً عن تنظيم الحوزة العلمية في النجف الأشرف وعمل أيضاً مع جماعة العلماء في النجف الأشرف خلال تلك الفترة.

في عام ١٩٧١، تعرض لمتابعة سلطة البعث في العراق نظرا لنشاطاته، وتحولت المتابعة إلى ملاحقة دائبة فاضطر الى الاختفاء بعد اصدار أمر باعتقاله، حتى هاجر إلى الكويت عام ١٩٧٤، ثم حملته ظروف العمل الإسلامي على السفر إلى إيران، إلّا أن سلطات الشاه بهلوي بدأت بملاحقته، نظراً لعلاقاته مع المقربين من الإمام الخميني في إيران واتصالاته بهم، وحاول السافاك (الأمن الإيراني) إلقاء القبض عليه، ثم احتجزه وضبط جواز سفره، إلّا أنه عاد إلى الكويت متخفياً خلال عام ١٩٧٥، واستقر فيها ثانية، حيث ساهم في قيادة العمل الإسلامي هناك، بعد أن اختير عضواً في القيادة العامة لحزب الدعوة الإسلامية.

بعد انتصار الثورة الإسلامية هاجر إلى إيران، وساهم في إعادة بناء تنظيمات حزب الدعوة التي تعرضت لقمع شديد في العراق، وانتخب ناطقاً رسمياً للحزب عام ١٩٨٠، وساهم في العام نفسه بتأسيس مجلس العلماء لقيادة الثورة الإسلامية في العراق مع قياديين آخرين في الحزب ومستقلين، كما انتخب عضواً في الهيئة الإدارية لجماعة العلماء المجاهدين في العراق عام ١٩٨٢، كما شغل منصب نائب رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق لسنتين.

واختاره قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي الخامنئي أميناً عاماً للمجمع العالمي لأهل البيت في عام ٢٠٠٠، وبعد ثلاث سنوات تقريباً قدم استقالته ليتفرغ للعمل العلمي والخيري وذلك إمتداداً لنشاطاته في هذين المجالين إذ كان من أساتذة الفقه والأصول والأخلاق والعقائد في الحوزة العلمية في قم منذ وصوله اليها كما كان يرعى آلاف الفقراء والمعوزين من مختلف الجنسيات ولا سيما العراقيين والأفغانيين والباكستانيين وذلك عبر مؤسسات خيرية كبيرة أهمها مؤسسة الإمام الباقر(ع).

عاد الشيخ الآصفي الى النجف الأشرف بعد سقوط نظام صدام، وشرع بتدريس الفقه والأصول على مستوى البحث الخارج في الحوزة العلمية وكان من الشخصيات المعتمدة والبالغة الإحترام لدى المرجع الديني آية الله السيد علي السيستاني وقائد الثورة الاسلامية آية الله السيد الخامنئي كما كان يحظى باحترام جميع الحركات والتيارات الإسلامية العراقية وساهم عبر بياناته وفتاواه وتوجيهاته وتحركاته في تثبيت الأوضاع في العراق الجديد ومحاربة الإرهاب.

كتبه ومؤلفاته

بلغ عدد مؤلفاته المطبوعة أكثر من ثلاثين في مختلف المواضيع كالفلسفة والفكر والفقه والتفسير والاقتصاد منها: «الإمامة في التشريع الإسلامي» و«المدخل إلى دراسة التشريع الإسلامي» و«دور الدين في حياة الإنسان» و«ملكية الأرض – رسالته في الماجستير» و«تداول الثروة» و«ولاية الأمر» و«تاريخ الفقه الإسلامي» و«آية التطهير» و«نظرية الإمام الخميني في دور الزمان والمكان في الإجتهاد»، و«أثر العلوم التجريبية في الإيمان بالله» و«الدعاء» و«بحوث في الحضارة الإسلامية».

وفاته

توفي العلامة الآصفي في مدينة قم (جنوب طهران)، اثر معاناته من مرض عضال وخضوعه للعلاج الكيمياوي؛ وذلك في صبيحة يوم الخميس 16 شعبان 1436 هـ الموافق 4 حزيران/ يونيو 2015؛ عن 76 عاماً؛ بعد أدائه صلاة الفجر مباشرة.

المصدر : الوفاق 

اکتب تعليق جديد

Image CAPTCHA
Enter the characters shown in the image.