أهمية مؤسسة التربية والتعليم

لقد تمت تسمية أسبوع المعلم من وحي الذكرى المباركة لشهيدنا العزيز الجليل المرحوم آية الله الشيخ مرتضى مطهري. كان للشهيد مطهري الكثير من السمات الممتازة، ولكن أعتقد أن أبرز هذه السمات هي أنه كان معلماً؛ كان معلماً؛ كان معلماً في الحوزة، وكان معلماً في الجامعة، وكان معلماً في بيئته الحياتية العادية، وخطاباته ومحاضراته كانت أيضاً تعليماً ودروساً، ذلك لأنه كان مخلصاً ومجتهداً وساعياً. لقد شاهدتُ عن كثب نماذج من السعي العلمي لهذا الإنسان الكبير. كانت لديه رؤوس نقاط وملاحظات مكتوبة لكل موضوع، أين ما كان يلاحظ نقطة أو فكرة في أي مكان كان يسجلها على الفور ويدرجها في مكان معين. ولقد أراني المظروفات التي أودع فيها ملاحظاته ومذكراته حول الموضوعات المختلفة. وقد استغربت في حينها من صبره وأناته وحيويته ومتابعته وسعيه! والنتيجة هي أننا اليوم وبعد مضي 35 عاماً على استشهاد هذا الرجل نجد كتبه وكلماته لا تزال حية فاعلة. نفس تلك الكتب والكلمات والتعاليم لا تزال إلى اليوم تنفع الجيل الشاب الحالي، وتنفع الباحثين أيضاً. طبعاً لا أروم القول إن هذه الكتب والتعاليم كافية، لا، فهناك آراء وطروحات وأفكار جديدة وشبهات غير مسبوقة يجب أن يكون هناك من يعمل لمعالجتها كما عمل الشهيد مطهري، بيد أن هذا الاسم اسم باق.

طيّب، معظم ما أروم ذكره اليوم عبارة عن جملة من النقاط حول التربية والتعليم. وهناك قضايا أخرى ربما تطرقنا لها هي الأخرى، لكن حديثنا الأصلي اليوم حول قضايا التربية والتعليم، وهي قضايا مهمة بالنسبة لي. والسبب هو أن التربية والتعليم تمثل في الواقع القطب الأساسي لصناعة العالم المستقبلي. لدينا على كل حال مستقبل، بعد عشرين سنة، أو بعد خمس وعشرين سنة، سيأتي جيل ويستلم زمام الأمور وهذا الجيل في الوقت الحاضر في طور النشوء والإعداد، والذي يعده هو المعلم والتربية والتعليم. أنتم تنتجون جيلاً، فكيف ستنتجونه؟ هذا شيء على جانب كبير من الأهمية. مستقبل بلادنا ومستقبل عالمنا رهن بمساعي التربية والتعليم في الوقت الحاضر، وهذا ليس بالشيء القليل. ليس لدينا جهاز أو مؤسسة أخرى لها هذه الدرجة من الأهمية. نعم، في الجامعة أيضاً يقومون بالتدريس والدراسة، وفي الحوزة العلمية أيضاً يدرسون، وفي الأجواء الاجتماعية أيضاً يزاولون عملية التربية، بيد أن الدور المؤثر للمعلم فذّ ولا بديل له؛ الدور الذي يمكن للمعلم أن يتركه من حيث التأثير الفكري والروحي على متلقيه وهم أطفال اليوم ورجال المستقبل ونساؤه - منذ فترة الطفولة إلى مرحلة الحداثة إلى نهاية هذه الفترة المؤلفة من إثني عشر عاماً - لا نظير له ولا بديل؛ لا الأب ولا الأم ولا البيئة لهم مثل هذا الدور. هكذا هو المعلم، وهكذا هي مؤسسة التربية والتعليم. ومن حيث الارتباط والاحتكاك ببيئة حياة الناس تمتلك مؤسسة التربية والتعليم أوسع مديات الاحتكاك والارتباط بالمجتمع. لديكم قرابة 13 مليون طالب، ومع آبائهم وأمهاتهم - وعدد الآباء والأمهات سيكون 26 مليوناً - سيكون أمامكم 39 مليوناً، وهناك مليون من المعلمين وموظفي التربية والتعليم، فهذا تقريباً أربعون مليون إنسان على علاقة مباشرة بهذه المؤسسة، فأيّ جهاز أو مؤسسة أخرى تعرفونها لها مثل هذه المديات من الارتباط والاحتكاك المؤثر والمهم مع المجتمع؟ لهذا السبب نشدّد على التربية والتعليم كل هذا التشديد.
المصدر : موقع دار الولایة الثقافة وللاعلام

اکتب تعليق جديد

Image CAPTCHA
Enter the characters shown in the image.