الصحافة المكتوبة في فكر الإمام الخامنئي

 

 

الصحافة المكتوبة في فكر الإمام الخامنئي

* تتلخص المهمات الأساسية للصحافة المكتوبة إلى ثلاث مهمات أساسية، فالمهمة الأولى هي توعية أبناء المجتمع، والمهمة الثانية هو الارتقاء بمعلومات أبناء الشعب إلى مستوى أعلى مما هي عليه، والمهمة الثالثة فهي تسييس الجماهير

لا بد في بداية الحديث عن الصحافة المكتوبة من الإشارة إلى مدى الأهمية التي تحتلها بين وسائل الإعلام الأخرى، فمن خلال التواصل الدائم واليومي بينها وبين قرائها، حيث يتيح لها هذا الأمر أن تقدم لهم بشكل متواصل مادة تأثيرية، ومن هنا تكمن الأهمية في عمل الصحافة، يقول سماحة الإمام الخامنئي (دام ظله):

«لو افترضنا أن هناك صحيفة سواء كانت يومية أو أسبوعية أو غير ذلك تُنشر بعدد قليل جداً من النسخ (خمسة آلاف نسخة مثلاً) وكان لتلك الصحيفة قراؤها الثابتون الذين يتابعون مواضيعها باستمرار ويتأثرون بها، فنفس ذلك التأثير المتواصل على مجموعة من الناس ـ وإن كانت قليلة، سوف يؤدي إلى خلق تيار مستمر في أذهان أبناء المجتمع.

وإذا ما أراد المسؤولون عن إدارة صحيفة من الصحف أن يفكِروا بمخاطبيهم بشكل دقيق ومستمر ويهدفون حقاً أن يوجهوهم الوجهة التي يشاؤون، فان الطريقة المثلى لتحقيق هذا الهدف هو إيجاد مثل هذا التيار المتواصل في أذهان أبناء الأمة. ومن هنا تُعرف أهمية وقيمة الصحف التي لها عدد كبير من القراء الذين يتابعون مواضيعها ومقالاتها بشكل دائم ومستمر.

وإذا ما أردنا قياس عمل الصحافة بعمل أي معلم أو أستاذ أو خطيب فسنرى أنّ نطاق عمل الصحافة أفضل وأوسع وأهم من مجموع تلك الأعمال، وهذا الأمر في حدِ ذاته يكفي في أن نفتح للصحافة حساباً خاصاً في أذهاننا وأفكارنا وأن نتوقع منها القيام بأعمال كبيرة ومهمة.

وعلى هذا الأساس يجب على أرباب الصحافة أن يشعروا بأهمية عملهم ومدى تأثيره في أوساط المجتمع». ولأجل أهمية هذه الصحافة أولاها سماحة الإمام أهمية خاصة من خلال إرشاداته المتواصلة وتنبيه العاملين في هذا الحقل إلى الأمور التي من شأنها أن تعزز دور هذه الوسيلة بين سائر الوسائل لتستكمل الدور في بناء المجتمع المنتظم والسليم، وسنسلط الضوء في هذا الفصل على أهم ما أرشد إليه سماحة الإمام (دام ظله) في هذا المجال.

دور الصحافة في المجتمع

ينبه سماحة الإمام(دام ظله) الوارف إلى أن مسألة الصحافة ليست مجرد حرفة يستدر بها المال لتأمين مستلزمات الحياة، كما أي حرفة أخرى، فإن الصحافة لها دور كبير في بناء ثقافة المجتمع، وعليها أن تؤدي هذا الدور لكي يصدق عليها اسم الصحافة يقول (دام ظله):

«إنه وبسبب التأثير العميق الذي تتركه الصحافة على الأذهان وبالتالي على سلوك وأخلاق شرائح كبيرة من أبناء المجتمع، فلا يمكن اعتبار الصحافة مجرد حرفة الغاية منها الحصول على لقمة العيش فقط.

فالصحافة لها أهداف. تتناسب مع مسؤولياتها. إذا ما تخلت عنها فستكون كالطبيب الذي يتخلى عن معالجة مرضاه.

فلا يقولنَ أحد بأن الطبيب لا يجب أن يحصل على لقمة العيش من خلال ممارسة مهنة الطبابة. فالأطباء كانوا يحصلون دوماً على لقمة العيش من خلال ممارسة حرفتهم. بل يقال: يجب عليه أن يقوم بأداء مسؤوليته أولاً حتى يمكنه أن يحصل على لقمة العيش.

فمن غير المقبول إطلاقاً أن يحاول الطبيب الحصول على الامتيازات المادية لمهنته بالرغم من تخليه عن مسؤوليته في معالجة المرضى.

فلا يقبل أي عاقل أن يحصل الطبيب على المال والشهرة والمكانة الاجتماعية بالرغم من تخليه عن مسؤولياته الطبية. بل إن إطلاق لقب الطبيب على مثل هذا الإنسان غير مقبول عند العقلاء أيضاً. ونفس هذا الأمر ينطبق على الصحافة تماماً، فلو تخلت الصحافة في أي مجتمع عن أداء مسؤولياتها الأساسية والتي من أجلها وُجدت الصحافة فلا تستحق حتى إطلاق إسم الصحافة عليها، ولا يمكن تحمُل وجودها الناقص بأي شكلٍ من الأشكال»

المهام الأساسية للصحافة

تتلخص المهمات الأساسية للصحافة المكتوبة إلى ثلاث مهمات أساسية، فالمهمة الأولى هي توعية أبناء المجتمع، والمهمة الثانية هو الارتقاء بمعلومات أبناء الشعب إلى مستوى أعلى مما هي عليه، والمهمة الثالثة فهي تسييس الجماهير، ويتحدث القائد بشكل مفصل عن هذه النقاط الثلاث حيث يقول (دام ظله):

المهمة الأولى: هي توعية أبناء المجتمع، أما ما هي نوعية تلك التوعية وأساليبها فتأتي في المراحل الأخرى.

لكن ضرورة أن تقوم الصحافة بتوعية الجماهير ونشر الوعي الفكري ونفاذ البصيرة في أوساط الجماهير هو أمر لا اختلاف فيه ولا يستطيع أحد إنكاره.

فالمفروض بالعاملين في الحقل الصحافي. مقارنة بالآخرين. إحاطتهم الواسعة بقضايا الحياة وقضايا مجتمعهم وامتلاكهم رؤية واضحة ودراية أعمق؛ حتى يستطيعوا القيام بهذا الأمر على أحسن وجه.

والمهمة الثانية: هو الارتقاء بمعلومات أبناء الشعب إلى مستوى أعلى مما هي عليه، وهذه غير مسألة الوعي التي سبقت الإشارة إليها. وطبعاً هناك بعض الصحف والمجلات المختصة، كالصحف والمجالات الفنية والعلمية، أو السياسية أو الأدبية، وكل منها يمارس دوره في هذا المجال.

لكنها يجب عليها أن تسعى إلى الارتقاء بالمستوى الفكري للجماهير كل حسب اختصاصها. فالصحافة يجب أن تكون كالصف المدرسي الذي تتعلم فيه الجماهير، وهذا غير نشر الوعي في أوساط الجماهير كما قلت. فالتلاميذ الذين يأتون إلى المدرسة يبدؤون ومنذ اليوم الأول من السنة الدراسية بالحصول على معلومات ومعارف جديدة حسب الدروس التي يحضرونها، فالذي يحضر درس الدين يكتسب معلومات دينية جديدة، والذي يحضر درس الاقتصاد يكتسب معلومات اقتصادية جديدة، هكذا في باقي الفروع.

إذن، خاصية الصف المدرسي هي إعطاء المعلومات الجديدة للطالب بشكل منتظم ومستمر. ومسؤولية الصحافة في هذا المجال شبيهة بمسؤولية الصف المدرسي في إيصال المعلومات الجديدة للناس.

أما المهمة الثالثة: فهي تسييس الجماهير وغرس الروح السياسية والاهتمام بالأمور السياسية في نفوس أبناء الشعب.

فكلما كان المجتمع سياسياً ويتمتع بالروح السياسية بشكل أكبر، كان أكثر استقلالاً وأقل تعرضاً للمخاطر من قبل الأعداء.

وبالعكس: كلما كان الشعب بعيداً عن السياسة، وليس له القدرة على الفهم والتحليل والإدراك السياسي فسيتعرض لنفس البلاء الذي تتعرض له بعض الشعوب من قبل المراكز الخبرية الكبرى في العالم. وسيكون ذلك الشعب غير قادر على اتخاذ القرار بنفسه، بل سيكون منفذاً لما يُلقن من أفكار ونظريات من قبل الأعداء. وإن إعطاء القدرة لأبناء الشعب على التحليل السياسي ومعرفة الاتجاهات والتيارات السياسية تعتبر من المهام الرئيسية لعمل الصحافة. فيجب على الصحافة أن يكون لها تحليلها السياسي، وأن تعلم أبناء الشعب طريقة التحليل السياسي ولا بأس من نشر التحاليل السياسية المتناقضة لأنها ستعطي القارئ ـ بمجموعها ـ القدرة على التحليل السياسي والفهم السياسي الدقيق للأحداث.

 

اکتب تعليق جديد

Image CAPTCHA
Enter the characters shown in the image.