رحلة التعلم وتكافؤ الفرص

ولكن أتساءل عن صحة مشاركاتنا الخارجية بطلاب برامج موهبة في مسابقات تشارك فيها الدول الأخرى بطلاب من مسار التعليم العادي Mainstream؟ 
الطالب الأميركي أو الأوروبي المشارك في المسابقات العالمية يمثل الشريحة المميزة من خريجي نظام التعليم في بلده، أي أنه يبذل جهدا مضاعفا في نظام تعليمي متاح للجميع، بينما طلابنا يمثلوننا عن طريق مؤسسة موهبة التي لا تبني برامجها على مناهجنا فقط، وبالتالي لا تعكس المستوى العام لمخرجاتنا التعليمية كما يعرف الجميع. طالب موهبة ابتداء طالب موهوب بشهادة اختبارنا الشهير (قياس)، أي أن لدينا اعترافا ضمنيا بأفضليته على بقية طلابنا قبل أن يدخل في المنافسة مع غيره. قامت مؤسسة موهبة مشكورة بانتقاء الأفضل من أفضل طلابنا بالاعتماد على ترشيح المدارس أو الأهالي ثم نتائج اختبار قياس، وبناء عليه خصتهم ببرامج مكثفة أقل ما يقال عنه إنها رائعة ومدروسة يقدمها مجموعة من الخبراء في تخصصاتهم. هذه البرامج تنقل الطالب من ضيق الكتاب المدرسي والصف الدراسي الخالي تقريبا من الأنشطة إلى حيز ممارسة التعلم والتطبيق، كما تشجعه هذه البرامج على طرح الأسئلة المناسبة، وهذا هو السبيل الأفضل للتعلم. كل ما سبق رائع ما دام في سياق تجهيز هذه الشريحة التي حباها الله بالتميز للمستقبل، بحيث نحصل على مبدعين ومبدعات يخدمون الوطن في شتى التخصصات. أنا مع المشاركات الخارجية ومع أن نفرح ونحتفل بأبنائنا المميزين ونتائجهم المشرفة، لكن يجب أن نكون صادقين مع أنفسنا ومع أبنائنا ونواجه الواقع التعليمي أيا كان لكي نستطيع التعامل معه وتحسينه. إن الاحتفال بالنخبة لن يصلح حال البقية المسكوت عنها، وإذا أردنا تطويرا حقيقيا للتعليم فعلينا أن نسعى ليحصل كل الطلاب على جودة برامج موهبة أكاديميا وثقافيا، لأن تساوي الفرص في التعليم حق للجميع. من المهم جدا مراجعة ما يحدث في هذه المشاركات بالالتفات أولا إلى مسؤوليتنا تجاه تحسين التعليم بحيث يمكن لأي طالب مجتهد ضمن منظومتنا التعليمية أن يشارك في تمثيل المملكة كما يحدث في دول العالم الأخرى، وكذلك بالاعتراف بمسؤوليتنا الأخلاقية تجاه المشاركات الخارجية الممثلة للمملكة في المحافل الدولية، وإمكانية أن يفتح مثل هذا الملف بطريقة نتهم فيها بعدم المصداقية، لأن هذا فعلا ما يحدث. 
ولأجعل مبدأ تكافؤ الفرص في التعليم أقرب للأذهان سأطرح مثالا عايشته مؤخرا مع ابنتي في مدرستها الحالية في عاصمة الضباب لندن. يخوض طلاب الصف الخامس كل عام تجربة (المشاريع البحثية) بحيث يتم تقسيم كل طلاب الصف الخامس على مجموعات بناء على اهتماماتهم ويقضي الطلاب فصلا دراسيا وهم يعالجون مشروعا علميا من اختيارهم بالطرق العلمية من قراءة وكتابة وطرح أسئلة وحلقات نقاش مصغرة مع مرشد أكاديمي من المدرسين، وتتوج هذه التجربة بمعرض يعده الطلاب ويحضره الأهل لمناقشة ما تعلموه وما أنجزوه. في الطريق للمنزل سألتها عن رأيها في المعرض، والذي للتذكير يشارك فيه جميع الطلاب ضمن رحلة تعلّم تعزز مهارات البحث وعمل الفريق، فقالت وهي تقلب كتابها الذي استعارته من مكتبة المدرسة (جميل جدا وممتع يا ماما، ذكّرني بمخيم موهبة الصيفي)! وأترك لكم حرية التحليق مع رأيها والتعليق عليه.

ناديه الشهراني

اکتب تعليق جديد

Image CAPTCHA
Enter the characters shown in the image.