القيمة المضافة بوابة التميز والاستمرارية

ولكي تضمن أي مؤسسة الاستمرارية لبرامجها فإنها تحتاج إلى مؤشرات واضحة لإبراز وتوثيق نجاح تلك البرامج، فالبرامج والتجارب التربوية المقدمة لفئة معينة إذا لم تصاحب بما يظهر كيفية تأثير هذه البرامج على مهارات ونمو تلك الفئة فإن بقاءها ودعمها يظل محل تساؤلات عديدة، مثل: هل حقق البرنامج دوره نحو نمو أداء كل فرد؟ وما مقدار النمو الذي حققه الفرد بسبب وجوده أو التحاقه بالبرنامج؟ وكيف يمكن قياس ذلك النمو لدى الأفراد؟ وهنا يمكن القول أن عملية تقويم البرامج شكل من أشكال التساؤل المنظم، تهدف إلى إنتاج معلومات للمساعدة في صنع أحكام ذات أهمية كبيرة حول برنامج ما بهدف تحسين البرنامج.
فالغاية منه لا تعني التوقف عند عرض بعض المعلومات المتعلقة بالبرامج، بل تمتد لتحدد الطرائق المناسبة لتطوير تلك البرامج.
ويعد تقييم القيمة المضافة من المفاهيم الحديثة للجودة ومن الأساليب المهمة التي جاءت لقياس أداء وفعالية المؤسسات والبرامج.
وهذه الأهمية جعلت العديد من الدول مثل الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وأستراليا وغيرها من الدول تتبناه لتقويم مؤسساتها وبرامجها ومحاسبتها.
ويتمثل الاهتمام الرئيس في هذا النوع من التقييم لما له من جوانب استرجاعية، وأخرى استشرافية مستقبلية؛ فهو استرجاعي عندما يحاول تحديد إذا كان البرنامج فاعلاً، استشرافي؛ لأنه يستخدم وبشكل متكرر في اتخاذ قرارات رئيسة حول مستقبل البرنامج، مثل الاستمرار في البرنامج أو إنهائه، وزيادة التمويل أو خفضه.
ويستند تقييم القيمة المضافة على فلسفة مؤداها أن البرنامج ينبغي أن يضيف “قيمة” في أداء كل فرد خلال فترة تنفيذ البرنامج، وأن من حق كل مشارك أن ينمو بمعدل مكافئ على الأقل لمعدل نموه السابق.
وهو بالتالي مفهوم اقتصادي صارم، قائم على الربح والخسارة، وتحديد مراكز الربحية، ومراكز التكلفة بدون جدوى، سواء في إدارة العمليات التعليمية، أو في تقويم تلك العمليات ومساءلتها.
فالبرنامج الذي قبل متعلمين مستواهم متدن، واستطاع رفع مستواهم إلى المتوسط فهو – وفقاً لفلسفة القيمة المضافة – برنامج أفضل من البرنامج الذي قبل أفراداً مستواهم عال منذ البداية، واستمر ذلك المستوى دون ارتفاع.
حيث أن معيار الفعالية هو المعيار الأساسي للحكم على البرنامج، ويقصد بالفعالية المدى الذي يمكن الوصول إليه في تحقيق الرؤيا وإنجاز الأهداف الموضوعة مسبقاً، وتعد القيمة المضافة أحد المؤشرات الأساسية وأكثرها دقة في تحديد فعالية البرامج وتصنيفها والوثوق بمصداقية نتائج تقويم الأداء فيها.
أما الطرق الأخرى لقياس فعالية البرامج فتعتمد على القياس التقليدي (الاختبار القبلي- البعدي) وهذا قد يؤدي إلى أحكام غير دقيقة أهمها أنه لا يأخذ في الحسبان المعرفة السابقة للطالب ومستواه، كما لا يراعي الفروق الفردية بين المجموعات المختلفة من الطلاب.
فالاهتمام في القياس التقليدي بمتوسط الأداء أي بمتوسط أداء مجموعات من الطلاب وليس بكل طالب بشكل فردي، وبالتالي لا يمكن اتخاذ قرارات أو وضع سياسات تتعلق بالممارسات التربوية بحيث تضع كل الطلاب في الاعتبار ولكن تهتم فقط بالطالب المتوسط.
وتتلخص أهمية تقييم القيمة المضافة في القدرة على تمييز البرامج التي أضافت قيمة للمتعلمين، وكذلك تحديد الجوانب التي تحتاج إلى تحسين.
وبذلك يمكن تحديد موضع الإضافات التي قدمها البرنامج واحتياجات التحسين.
هذا إلى جانب تحديد احتمالات أداء البرنامج في المستقبل، التي يمكن أن تساعد في التخطيط، وتوظيف الإمكانات، واتخاذ القرارات.
وتفعيل نظم المحاسبية لما يقدمه تقييم القيمة المضافة من معلومات تساعد جميع الأطراف المعنية في تفسير نتائجها وتحديد الأطراف ذات القيمة المضافة العليا وإثابتهم.
كما يساعد في تقديم معلومات تشخيصية للأفراد لرفع مستوى أدائهم في الجوانب التي حدث فيها إخفاق.
وعليه فإن تفعيل مدخل القيمة المضافة في تقويم البرامج بكافة أنواعها يساعد في تحديد المشاركين وفق لمعارفهم وقدراتهم ومن ثم بناء وتقديم الرعاية وفقاً للمستوى القاعدي لكل مشارك.
لذا يعد تقييم القيمة المضافة نموذج نمو يستخدم في تحليل نتائج تقييم الأفراد المشاركين في البرامج بطريقة تحدد القيمة التي تسهم بها المؤسسة في تقدمهم وتنمية مهاراتهم خلال فترة زمنية معينة.

د.علاء أيوب

اکتب تعليق جديد

Image CAPTCHA
Enter the characters shown in the image.