التخطيط.. أسلوب ومنهج في التفكير المنطقي والعقلاني

فالتخطيط يعتبر قديما قدم الحضارات البشرية نفسها، ويبقى مسألة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالإنسان نشأ معه وتطور مع تطوره.

ومن تم فإن التخطيط يعتبر القاعدة الرئيسية التي تنبني عليها الإدارة الحديثة، فبواسطته تؤسس الأعمدة الحيوية الأخرى من تنظيم وتوجيه ورقابة، وقيادة واتخاذ قرارات صائبة.

مفهوم التخطيط

ولعل ما نبدأ به هذا المقال، وقبل الغوص في طياته، هو محاولة إعطاء تعريف لمفهوم التخطيط؛ إذ يعتبر هذا الأخير لغة: هو إثبات لفكرة ما بالرسم أو الكتابة وجعلها تدل دلالة تامة على ما يقصد بالصورة أو الرسم.

أما اصطلاحا فتتعدد التعاريف التي تناولت هذا المفهوم؛ إذ سنقتصر على تعريف فريدمان لمفهوم التخطيط حتى نقرب القارئ من هذا المفهوم. حيث عرفه فريدمان على أنه «طريقة تفكير وأسلوب منظم لتطبيق أفضل الوسائل المعرفية، من أجل تحقيق أهداف واضحة ومحددة متفق عليها» ويعرفه كذلك على أنه «أسلوب ومنهج في التفكير المنطقي والعقلاني، تتم ممارسته من قبل الجميع وعلى كل المستويات، بدءا من المستوى الفردي والعائلي، بل وحتى المستويات المحلية والوطنية والعالمية».

ولقد أضحى التخطيط ضرورة ملحة في كل الأعمال والبرامج، بغية تنفيذها على أسس علمية مدروسة، توضح طرق ووسائل بلوغ ذلك؛ إذ أن التخطيط يستمد قوته ومشروعيته من الواقع العلمي والتجربة اللذان أثبتا أهميته على جميع الأصعدة.

فالتخطيط لا يخرج في جوهره، عن كونه عملية منظمة واعية لاختيار أحسن الحلول الممكنة للوصول إلى أهداف معينة، أو عملية ترتيب الأولويات في ضوء الإمكانيات المتاحة.وبناء على هذه التوطئة المقتضبة لمعرفة مفهوم التخطيط، الشي الذي قد  يجعل القارئ يتساءل عن أهمية التخطيط في حياتنا.

لماذا التخطيط؟

ويمكن أن نجيب عن هذا السؤال ونقول: بأن التخطيط يتيح وضوح الرؤية وتحديد الأهداف، أي أنه يساعد على بلوغ المنشود والمرغوب فيه، من خلال تبني رؤية استراتيجية تقوم على أسس متينة، كما أنه يساعدنا على تحديد أهدافنا من خلال وضع مخطط عمل، نضع فيه أهدافنا وحتى البدائل الممكنة، مما يضمن لنا عدم الوقوع في فخ الفشل.

ويساعدنا كذلك على الاستخدام الأمثل والأفضل للإمكانيات والموارد، مما يساعدنا على التحكم وتوفير النفقات التي قد تذهب مهب الريح في عدم التخطيط مسبقا.

ويقوم التخطيط، كذلك على مبدأ تحقيق التكامل والتنسيق، بالإضافة إلى أن التخطيط يقلل من المخاطر المتوقعة، عبر اتسامه بخاصية المرونة.

كما أنه يحدد لنا الأولويات، بما يتوافق مع الاحتياجات الخاصة بالإنسان، زد على هذا أنه يسيطر على مشاكل التنفيذ.

وعليه، فإن التخطيط عملية متواصلة ومستمرة قابلة للتغيير في التوجهات، حسب اختلاف الظروف، كما تجدر الإشارة إلى أن التخطيط الناجح هو عبارة عن عملية جماعية تقوم على مبدأ التعاون، وليس حكرا على فرد واحد، وبالتالي فهو تعاون على نطاق شامل، يستوجب مشاركة الجميع (الفاعلين)، والتنسيق بينهم، من أجل المضي قدما نحو تخطيط محكم ورصين. لمواجهة متطلبات المجتمع المستقبلية، والتغلب على كافة المتغيرات الاقتصادية منها، والاجتماعية، والثقافية المتوقع حدوثها في المجتمع.

اکتب تعليق جديد

Image CAPTCHA
Enter the characters shown in the image.