تمكين المدرسة ... أم تمكين مكاتب التربية والتعليم ؟!

يقول الصينيون "ما أشبه التعليم بالمجداف إن لم تتقدم به للأمام عاد بك للوراء" والناظر إلى وزارتنا الموقرة يجدها في سباق حثيث مع الزمن فقد خطت خطوات مباركة للأمام ومنها محاولة تمكين المدرسة للقيام بأدوارها الإشرافية المنوطة بها كاملة ؛ لتشكل وحدة تطوير متكاملة وتتحول إلى مجتمعات مهنية ذاتية .
وهذا يفعل بشكل جيد عملية الاتصال الرأسي مع مكاتب التربية والتعليم وأقسام الإدارة المعنية من جهة ، والتواصل الأفقي مع الأقران من جهة أخرى .
غير أن الواقع المعاش لمكاتب التربية والتعليم يكبلها عن مواكبة واستيعاب توجهات الوزارة التطويرية الحديثة فهي مازالت غارقة في بيروقراطية عتيقة تحجبها عن الميدان التربوي في أغلب الأحيان وتجعلها تعيش في معزل عن الواقع الفعلي بإيجابياته وسلبياته وكامل تفاعلاته... وقد يطربها التغريد خارج السرب أحيانا .
ناهيك أن مكاتب التربية والتعليم تعاني من السمنة المفرطة ومن الزيادات غير المبررة في بعض الأقسام التي قد تعيقها عن مباشرة دورها المحوري في الإشراف على التربية والتعليم وتصرف جهودها بعيدا عن الأهداف الكبيرة ، وهنا أتذكر المثل الألماني القائل "من أراد أن يسير باستقامة في طريق معوج فعليه أن يهدم بيوتا كثيرة" .
فلو محصنا ما تحتاجه مكاتب التربية والتعليم لتقوم بأدوارها المتوقعة، فأعتقد أنه يتلخص في أمرين :
أولهما : إعطاؤها نصيبها كاملا من التشكيلات الإشرافية حسب الهياكل التنظيمية الصادرة من الوزارة كجهاز مستقل عن إدارات التربية والتعليم .
وثانيهما : ضخ مزيد من الميزانيات المادية والصلاحيات الإدارية لتتمكن من أداء مهامها بكفاءة عالية .
ومما أذكر هنا أنني كنت ضمن فريق عمل لتقييم أداء مكاتب التربية والتعليم عبر مؤشرات أداء موحدة سعى الفريق لقياسها ، ولكن التباين في فهم أدوار مكاتب التربية والتعليم كان سيد الموقف فالبعض يرى أنها ليست إلا إدارات تربية وتعليم مصغرة؛ من وجهة نظر من أصيبوا بهوس البطالة المقنعة حيث أصابوها في مقتل لأنهم رفعوا سقف التطلعات وأغرقوها في الروتين والضعف والهزال ، والبعض الآخر حددها في دورها التربوي والتعليمي .
فتمكين المدرسة فكرة طموحة ، غير أن في اعتقادي تمكين مكاتب التربية والتعليم يعتبر خطوة سابقة ، إذا ما أردنا تحقيق الانتقال السريع .
فإذا كانت وزارة التربية والتعليم قد بنت قصوراً في الهواء لتمكين المدرسة ، فلا تحاول هدمها بل يتحتم عليها وضع الأساس تحتها من خلال تمكين مكاتب التربية والتعليم .

بقلم اﻷستاذ
نور بن مسعود المالكي
المصدر :صحیفة المیدان التعلیميالالکتروني

اکتب تعليق جديد

Image CAPTCHA
Enter the characters shown in the image.