" الضرب " وسيلة المعلم الفاشل

سنعرض لبعض آراء أنصار الضرب وحججهم من أجل إبقائه قائماً في التعليم وسنناقشها بموضوعية :

الرأي الأول / أن الضرب يثير انتباه الطلاب ، ويجعلهم على أهبة الاستعداد لأداء الواجبات واستيعاب المعلومات وحفظها .

  الحقيقة أن الدراسات النفسية أثبتت أن الثواب أقوى وأبقى أثراً من العقاب في عملية التعليم ، وأن الضرب يترك أثراً على جسم الطفل ونفسيته بل ورغبته في الدراسة والتعلم ، والقول بأنه يحقق لانتباه وأداء الواجب وحفظ الدرس ، نقول : إن الغاية الجيدة لا تبرر الوسيلة السيئة ، وهذه النتائج لطيبة ستتوقف بمجرد انتهاء وزوالالتهديد والخوف ، لأن السلوك في حالة التهديد يتسم بالآلية  الميكانيكية ) إذ يتم تحريكه من الخارج ، فالدافعية للتعلم لا تنبعث من دخيلة المتعلم . والتعليم الإكراه لا يمس صميم السلوك بل القشرة الخارجية منه، ويبقى اللب يتأثر بالإقناع والحوار .

    والمدرسة لا تقدم كل المعرفة التي توصل إليها العلم أو التي يحتاجها الإنسان في حياته وبالتالي تجبر الطالب في الوقوف عليها ولو بالضرب ، وإنما تقدم له الأدوات الكفيلة بالتعلم الاكتشافي وحب المعرفة ، والمعلم الذي يعي الأهداف الاستراتيجية للتعليم يعمل على هندسة البيئة التعليمية المنتجة ، وغرس بذور المعرفة ورعايتهالتنمو مع الحياة وتثمر العلم والمعارف .
    الرأي
 الثاني / الضرب مفيد في قمع الناشز من السلوك ، ويمنع ظهور التصرفات السيئة في
الفصل
 . والمدرسة جزء من المجتمع الذي لا يستغني عن العقاب في القضاء على السلوك الفاسد
وإيقاف
 الخارجين على القواعد والأخلاق .
    لا
 غرو أن المدرسة حقيقة قطعة من المجتمع لكنّ مجتمع المدرسة مجتمع تربوي خلق من أجل أفراد ونفسيات الطلاب ، وإن ما يحققه الضرب من قمع السلوك الناشز وإشاعة النظام وضبط الصف إلا أنه لا يقضي على نوازع الشر لأنه يقمع السلوك الظاهر فقط . والمدرسة لا تحاول إخفاء السلوك الردى بمقدار استئصاله ومعالجةاعوجاجه بتعديل الدوافع المخبوءة التحتية المستخفية ، والمعلم الذي يشعر أنه بالضرب قضى على السلوك المعوج ويفرح بذلك إنما هو كالطبيب الذي يفرح بمسكنات المرض بينما تتدهور حالة المريض .
    الرأي
 الثالث / أن من يقرر خطأ استخدام الضرب في المدارس هم من لا يعمل في التعليم ، لعلهم لو عانوا من مضايقات الطلاب لكان لهم رأياً آخر، فالضرب يقضي مضايقات الطلاب ، ولولا لضرب لما استطاع المعلم أن يصمد في الميدان التربوي حيث سيتعرض للانهيار العصبي . (وكأن الضرب عامل تنفيس للمعلم !) .
    نقول
 للمعلم عليه أن يتصف بالحلم والأعصاب الهادئة والضبط الانفعالي وثمة مجموعة كبيرة من المعلمين من لا يستخدمون الضرب على الإطلاق ويحظون بحب كبير واحترام من الطلاب ، لكن لاحترام القائم على الخوف ليس باحترام . والمعلم المتمتع بشخصية قوية تفرض نفسها واحترامها يس بحاجة إلى إيقاع العقوبات البدنيةعلى الطفل أو المراهق ، ولعجز بعض المعلمين عن فرض لسيطرة النفسية على الطالب وتقديم المناسب من الخبرة والمعرفة يلجأ للعوقبات البدنية بيد أن قدرة المعلم على السيطرة وإمساكه بزمام الموقف التعليمي يغنيه عن الضرب الذي يعد وسيلة رديئة سواء في تعديل السلوك الأخلاقي أو التحصيلي .
    وصفوة
 القول قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف ) وقوله صلى الله عليه وسلم : ( ما كان الرفق في شئ إلا زانه ولا كان العنف في شئ إلا شانه ) .
                                  

فؤاد أحمد البراهي

 

اکتب تعليق جديد

Image CAPTCHA
Enter the characters shown in the image.