تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الطفل

نعم أيها الأعزاء.. إنّ القلب الخالي يتمكّن منه أوّلُ هوى قلبيٍّ أو فكريٍّ أو عقَديٍّ، فيصبح منساقاً له لا يميل يمنةً ولا يسرةً، وإنما يقوده هواه إلى حيث يستقر هوى المحبوب، ويبغض بل يلعن كلّ من يعادي هواه.

وهذا هو سرّ اهتمام الجماعات من كل فكرٍ بمرحلة الطفولة، حيث ينجحون غالباً في وضع مسارٍ محددٍ لفكره ويجعلون له أُطُراً يمشي في هداها ولا يزيغ عنها، وقد رأيت ذلك عامّاً في كلّ الأمم لأنّ الطفل هو مركز قوة الجماعات، وليس الرجال كما يظنّ بعضهم، لأنّ الطفل إذا اعتقد أمراً وشرب من حوضٍ فكريٍّ ما وهو لا يشعر، فسوف يبقى موالياً لهذا الولاء ومدافعاً عنه عندما يبلغ منزلة الرجال، ولو علم بأنّه فكرٌ منحرفٌ عن الصواب، لأنّ حبّ الصبا لا ينزعه من القلوب إلا الموت، بعكس من دخل الجماعة وهو كبير فإنّه يوشك أن ينفصل عنهم عند أول اختلاف.

الجماعات المنحرفة والحاقدة على المجتمع التي تكونّت باسم الأديان أو القوميات أو الأفكار التنويرية، سوف تراها تبذل كلّ ما لديها من إمكانيات لنشر دعوتها عن طريق المدارس والجامعات، ويجتهدون في اصطياد الأطفال في سنواتهم الأولى، فيقومون بالجولات والسفرات ويجهّزون الرحلات والمخيمات بين فترة وأخرى، ويشتركون في السهرات والتسلية والأناشيد حتى يصلوا إلى أعماق هذا الطفل فيتمكنون منه ويصبحون له كالمخدِّرات عند متعاطي المخدِّر، فلا يستطيع الانفصال عنهم إلا بشقّ الأنفس، ولا يقدر أن يعصيهم ولا أن يتكاسل في تلبية أوامرهم لأنّهم تمكّنوا منه في الوقت المناسب.

وهذه حقيقةٌ قبل وجود التقنيات الحديثة والفضائيات وانتشار الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي كتويتر وفيسبوك وغيرها، لأنّ المخرّبين وجدوا في هذه الوسائل الحديثة فضاءً واسعاً لا يمكن لأحد أن يردّهم عنه، فإذا أغلقت قناةً أخرجوا قناة أخرى وإذا منعت ولدك من الذهاب إليهم دخلوا عليه من خلال تويتر وفيسبوك فغسلوا دماغه كما يحلو لهم، لأنها حرب شعواء ومعركة عظمى لاصطياد الأطفال وتحويلهم إلى قنابل موقوتة.

إنّ منظومة هذه الجماعات ووسائلها من خلال المطبوعات والفضائيات والمواقع، باتت معروفة لدى المختصين والمتابعين، ولكنّ كم عدد هؤلاء المختصين؟ الجواب: هم قليلٌ جداً، وهنا يكمن الخطر، فأغلب الناس على سجيّتهم وفطرتهم لا يعرفون مكر قادة هذه الجماعات الحاقدة.. 

 
جمال بن حويرب المهيري

اکتب تعليق جديد

Image CAPTCHA
Enter the characters shown in the image.