أَقبَلُ هذا .. أَرفُضُ هذا

 

نطالع التلفاز.. نقلّب الفضائيات.. نتنقّـل بين مواقع التواصل الاجتماعي والصحف الإلكترونية والكتب ومقاطع الفيديو.... نغرَق في كمٍّ هائلٍ من الأخبار المحلية والعالمية، والقضايا الفكرية والعلمية، والمعلومات الصحية والتقنية، والفتاوى الشرعية والتربوية، والأحداث والحوادث والكوارث الطبيعية والبشرية.......

 

كم مرة تلقيت خبراً أو معلومة، ثم أعدت نشرها من باب الحرص على مصلحة إخوتك المسلمين وما ينفعهم ؟

وكم مرة تبيّن لك – سريعاً أو بعد زمن – أن ما قمت بنشره في ذلك اليوم لم يكن صحيحاً ؟؟

 

كيف نصل إلى أعلى درجات التمييز بين ما نقبل وما نرفض مِن هذا البحر اللجيّ ؟ فنكون أقرب إلى الحقيقة والمصداقية في ذاتنا، وأبعد عن تصديق ونشر الإشاعات والمعلومات المغلوطة؛ وأدنى أن يَقبل منا الآخرون ما نقول وما ننقل ؟

 

 

بإمكاننا تطوير قدراتنا في ذلك، لو تمهلنا قليلاً لحظة تلقّي أيَّة مقولة.. ثم اتّبعنا في تفحُّصها أسلوباً علمياً أكثر دقة ووعياً وتبصُّراً ..

 

 

إنّ أيّ خبر/ معلومة / قول.... يقوم أساساً على : "نَصّ"، و"مَصدَر" ناشر أو ناقل لهذا النص.

 

نتناول اليوم الشق المتعلق بـ الحكم على المصدر والتمييز بين المصادر، وفي المقال التالي إن شاء الله نتطرق إلى الحكم على محتوى النص ذاته.

 

 

في المرة القادمة حين يسترعي اهتمامك خبرٌ ما، سواء من مصدر إعلامي أو إلكتروني أو من أحد المعارف، لا تبادر إلى تصديقه فضلاً عن نشره قبل أن تطرح على نفسك الأسئلة التالية حول ناقل الخبر، والمنقول عنه :

 

’*‘ هل أعرف مسبقاً عن هذا المصدر الدقة فيما يطرح ؟

هل سبق له التهويل أو التقليل من بعض الحقائق والمعلومات ؟

كأن تكون كل الدلائل تشير إلى وقوع عدد قليل من الضحايا في حادثةٍ ما، وتأتي أرقام هذه الفضائية تعلن عن أضعاف مضاعفة بغير دليل.

 

هل نقل المصدر أخباراً تبيَّنَ لاحقاً خطؤها كلياً أو جزئياً ؟

هل بين زملائك من يهرول إليك كل يوم بخبر جديد ؟ فتارة ينبئك أن المؤسسة بصدد خفض الرواتب إلى النصف بسبب أزمة مالية، وتارة يحدثك عن عزم مدير القسم على الاستقالة من منصبه بعد خلافات حادة في الإدارة، وتارة عن انتقال تبعية المؤسسة لقطاع آخر.... ثم لا يحدث شيء مما يقول ؟

 

هل يعتني المصدر بصحة المعلومة أم بوفرة الطرح أم بالفرقعات الإعلامية ؟

أم .. هل هذا المصدر مجهول كلياً بالنسبة لي ؟

وإن كان المصدر جديداً علي، فهل أجد طرحه الحالي دقيقاً بدرجة مُرضية ؟

 

 

’*‘ هل الموضوع الذي يتناوله الآن يدرج ضمن مجال تخصصه وخبرته ؟

فالبعض يتحدث في كل شيء، يفتي ويفسر ويحلل، وهو جاهل بكثير من معطيات القضية وتفاصيلها، أو أن نظرته تَقصُر عن إدراك الصورة الكلية للقضية فيحكم من زاوية واحدة ضيقة بناءً على معلومات محدودة.

 

وهل ينقل – إن كان ناقلاً – عن أهل الاختصاص في المسألة ؟

أم يتساهل في النقل عن أي أحد ؟

 

 

’*‘ هل هناك مصدر أوثق منه يمكنني الحصول منه على المعلومة ذاتها ؟

أو بصيغة أخرى :

هل يَصلُح هذا الشخص/ هذه الجهة، كمصدر أتلقى منه معلوماتي بهذا الخصوص ؟ أم عليّ التوجه إلى غيره ؟

فإنْ تلقيت نصيحة طبية من قناة تهتم بالرشاقة والجمال، يجدر بي التوثق من صحتها من مصادر طبية متخصصة قبل العمل بها ونشرها.

 

** قد يكون المصدر صالحاً كمصدر للمعلومات في مجالٍ دون غيره **

 

 

’*‘ هل لهذا المصدر مصالح تربطه بالجهة التي ينشر أو ينقل خبراً عنها ؟

أو له مخاوف من جهة ذات صلة بالقضية قد تؤثر على تناوله للقضية ؟

فقد ينبري شخص للدفاع عن موقف – مؤيد أو معارض – لمقاطعة منتجات دولة أو شركة ما، ويبدو مؤمناً بهذا الرأي في القضية، وحقيقة الأمر أن له أسهماً في هذه الشركة أو في منافستها، وموقفه من التأييد أو الرفض كان انطلاقاً من هذه المصلحة.

 

 

 

خلاصة القول ،،

كلما تلقيت معلومة أو خبراً، تريّث قليلاً، واسأل نفسك عن :

- مدى مصداقية هذا المصدر وموثوقيته

- صلاحية هذا المصدر لتناوُل القضية محل الطرح

 

 

 

 

أطيب‘ الأمنيات‘

الموقع:http://www.iftc14.com/thinking/115

اکتب تعليق جديد

Image CAPTCHA
Enter the characters shown in the image.