العنف المدرسي

مقدمة : تشهد األيام األخيرة، اتساعاً في الفجوة بين احتياجات الطالب التعليمية-التربوية، وبين قدرات المعلمين المهنية، على مواكبة التغييرات الحضارية السريعة. حيث تزداد الحاجة إلى توظيف العديد من الوسائل واألساليب واالستراتيجيات التربوية الحديثة، للسعي نحو تطوير مهارات الطالب على التفكير والبحث والنقد واالصغاء واالنضباط، إلى الحد األقصى الممكن. ومن أجل الوصول إلى المرحلة المرجوة؛ فعلى المعلم تطوير مهاراته في كافة المجاالت التربوية، واالتجاهات المتعلقة بسبر أعماق الطالب ومعرفة أرقى السبل للوصول إلى عقولهم وقلوبهم. لقد غدت المسيرة التعليمية، في عصرنا هذا، مشروعاً إنسانياً طويل األمد، يحتاج إلى تحريك طاقات العلم والبحث واإلبداع الداخلية للطالب، من أجل مدِه بالدافعية والرغبة لتحقيق ذاته. ومع ذلك، فإن االتجاه التربوي السائد في العديد من المؤسسات التربوية الحالية، ما زال يعتمد على طرق التلقين والتعليم التقليدية، التي تقلل من شأن الطالب، وتصنع منه متعلماً إتكالياً سلبياً، ينتظر دوره دوماً للمشاركة، وفي الوقت الذي يحدده المعلم، ووفقاً لما يراه. وقد يؤدي هذا، إلى كبت مواهبه، وإطفاء الشعلة اإلبداعية لديه. أن مصادر المعرفة والعلم المتوفرة للطالب في هذه األيام، متنوعة ووفيرة، ويمكن الوصول إليها بطرق سهلة وجذابة، دون االعتماد على المعلم للحصول عليها. لذا لم يعد دور المعلم الهام، مقتصراً على توصيل المعلومات فقط؛ بل يتعدى ذلك بكثير. إذ أنه صار مسئوالً عن بناء شخصية الطالب الباحث والمفكر والناقد والمستقل؛ الذي يستطيع الوصول إلى المعلومات وتوسيع آفاقه ذاتياً. يهدف هذا المقال إلى إلقاء الضوء على إحدى المهارات الهامة جداً، في مهنة المعلم. أال وهي االستراتيجيات التعليمية، وطريقة توظيفها كأداة تربوية فعّالة ومؤثرة، لمساعدة الطالب على التفكير والتعلم والتقدم على جميع األصعدة اإلنسانية والفكرية واالجتماعية. حيث سيتم التطرق إلى أهم العوامل المسئولة عن توفير الجو التعليمي المالئم، واألشكال المختلفة لإلستراتيجيات، وكذلك طريقة اختيارها من قبل المعلم. ما هي االستراتيجيات التعليميّة؟ بداية وقبل التعمق في طريقة استخدام االستراتيجيات التعليمية، ال بد من التطرق إلى ماهية االصطالح. حيث يقصد باالستراتيجية التعليمية (Strategy Teaching (هو، كل ما يتعلق بأسلوب توصيل المادة للطالب من قبل المعلم لتحقيق هدف ما، وذلك يشمل كل الوسائل التي يتخذها المعلم لضبط الصف وإدارته؛ هذا وباإلضافة إلى الجو العام الذي يعيشه الطلبة والترتيبات الفيزيقية التي تساهم بعملية تقريب الطالب لألفكار والمفاهيم المبتغاة. تعمل االستراتيجيات باألساس على إثارة تفاعل ودافعية المتعلم الستقبال المعلومات، وتؤدي إلى توجيهه نحو التغيير المطلوب. وقد تشتمل الوسائل، أو الطرائق أو اإلجراءات التي يستخدمها المعلم، على طريقة الشرح التلقيني )المواجهة(، أو الطريقة اإلستنتاجية أو االستقرائية؛ أو شكل التجربة الحرة أو الموّجهة .. الخ، من األشكال التقليدية أو الحديثة المقبولة ;1989, Derry; 1979, Eggen( Lovitt, 1995; Mastropieri & Scruggs, 1994). كما ويؤكد ديري(1989,Derry ، (أَنّ الخطة التي يقوم بها المعلم لتنفيذ هدف تعليمي، هي االستراتيجية التعليمية؛ وقد تكون االستراتيجية سهلة أو مركبة. كما وأنَ االستراتيجيات التعليمية تعتمد على تقنيات ومهارات عدة، يجب أن يتقنها المربي، عند توجهه للعمل الميداني مع المتعلمين. وقدرة المعلم على توظيف االستراتيجية يعني أيضاً، معرفة متى يتم استخدامها، ومتي يتم استخدام غيرها أو التوقف عنها. هذا، وتشمل االستراتيجيات التعليميّة، قدرات المعلم على توزيع الوقت بالشكل السليم لتوصيل المادة، واالنتقال بين الفعاليات بشكل انسيابي، ومثير للتالميذ. وباإلضافة إلى ذلك، فهي تشمل اإلجراءات المتعلقة بكيفية توزيع أماكن الطلبة وشكل الجلوس. فمثالً، لو أرادت المعلمة سرد قصة على طالبها، فبإمكانها عندئذ، فرش سجادة إذا تواجدت، وتعمل على اجالس الطالب عليها حتى يتمكنوا من مشاهدة القصة وصورها عن قرب. أمّا إذا كانت القصة، عبارة عن لوحات كبيرة، يتم عرضها عن طريق جهاز الرأس المسلط(projector head-Over ، (فبإمكان المعلمة أن تطلب من الطالب البقاء بأماكنهم ,Derry( 1989; Lovitt, 1995). وجدير باإلشارة هنا، التنويه للخلط الذي يرتكبه المعلمين، ما بين االستراتيجيات والوسائل التعليمية. إذ أن الوسيلة التعليمية )وسيلة اإليضاح(، هي الوسيلة، التي من خاللها، يبسط المعلم المفاهيم التعليمية، ومن خالل عرضها أمام الطالب يجعل فهمها أسهل. كما وأنّ الوسيلة، هي أداة أو مادة يستعملها الطالب في عملية التعلم واكتساب الخبرات وإدراكها بسرعة، وتطوير ما يكتسب من معرفة بنجاح. ويستعملها المعلم لتتيح له جوا مناسباً للعمل بأنجح األساليب، وأحدث الطرق للوصول بتالميذه إلى الحقائق والتربية األفضل بسرعة )أبو هالل، 3991 .)كما وأن الزيود )3991 )يعرفها على أنها " كافة الوسائل التي يمكن االستفادة منها في المساعدة على تحقيق األهداف التربوية المنشودة من عملية التعلم، سواء أكانت هذه الوسائل تكنولوجية كاألفالم، أو بسيطة كالسبورة والرسوم التوضيحية، أو بيئية كاآلثار والمواقع الطبيعية" )الزيود، 3991 ،ص341). مثالً: عند عرض قصة معينة، فإن المعلمة تحضر قصة فعلية ملوّنة، أو مجموعة من اللوحات الملوّنة التي تمثل تتابع أحداث القصة، وتعرضها أمام الطالب. وللوسائل التعليمية أشكال وأنواع عدة، ومنها الوسائل السمعية والبصرية )كالمسجل والراديو (ومنها البصرية )كالتلفاز والفيديو(، ومنها التكنولوجية، كالحاسوب واستخداماته المختلفة. ومنها الطبيعية الميدانية كالمجسمات واألشكال المختلفة الثابتة والمتحركة المعروضة بالمتاحف والمسارح والحدائق )أبو هالل، 3991؛ الزيود، 3991). بينما اإلستراتيجيات التعليمية، هي طريقة عرض الوسائل، والجو المرافق لها، وطريقة توزيع الطالب، ما قبل أو ما بعد عرض الوسائل. مثالً: توزيع الطالب إلى مجموعات، لحل أسئلة مختلفة حول القصة، تعتبر إحدى اإلستراتيجيات التي تنفذها المعلمة، لتوصيل مفاهيم القصة.(1989,Derry( المركبات األساسية لإلستراتيجيات التعليميّة تؤكد الدراسات إلى إنّ معرفة المعلمين للمركبات المختلفة لطرق توظيف االستراتيجيات التربوية والتعليمية، لها أهمية كبرى في عملية نجاح العملية التعليمية. ومن المركبات الهامة لتلك االستراتيجيات، ما يعتمد على أسلوب شرح المعلم، وطرق إدارة وضبط الصف وتوفير الجو المريح داخل قاعة الصف؛ وكذلك ما يتعلق بالبيئة الفيزيقية والترتيب لتوزيع الطالب واألثاث، إضافة إلى ذلك وسائل اإليضاح التعليمية وطرق توظيفها ;1994, Scruggs & Mastropieri( .(1995, Lovitt; 1989,Derryسأتطرق في معرض حديثي إلى أهم تلك المركبات مع ذكر األمثلة التوضيحية لكل منها على قدر اإلمكان. أ- أسلوب الشرح والتعليم: من أهم العوامل التي تعمل على جذب الطالب، نحو الدرس والموضوع، هي الطريقة التي يتوجه بها إلى طالبه، وطريقة تدخله التربوي وعملية توظيف االستراتيجيات وتوصيل المفاهيم. وهناك العديد من االستراتيجيات المتعلقة بطريقة الشرح؛ ومنها التعليم المباشر )المواجهة(، والتعليم باالكتشاف، والتعليم بالحوار والمناقشة، والتعليم باستخدام الوسائل البصرية والسمعية واللمسيّة، وتوظيف كل األساليب التكنولوجية، كالحاسوب ووسائل االتصال المختلفة ..الخ ;1981, Davies( Mastropieri & Scruggs, 1994; Lovitt, 1995). يوضح الباحثان ماستروبيري وسكراغ (1994, Scruggs & Mastropieri (على سبيل المثال، بعض النقاط الهامة لضمان نجاح أي درس في اللغة، وهي كالتالي: )3 )المراجعة اليومية مع الطالب حول المادة التي تم تمريرها في الدرس السابق، )2 )وعرض مادة أو مفهوم جديد باستخدام وسائل ايضاح فعّالة، )1 )وتوفير تدريبات موجّهة بشكل مالئم لقدرات الطالب. )4 )كما وان الطالب يحتاجون إلى تدريبات ذاتية، إلتقان المهارات المطلوبة، )1 )ومن ثم العمل على تقييم األداء خالل وقت قصير ومحدد. إضافة إلى ذلك، فهنالك حاجة ماسة، إلى تدريب الطالب على طريقة تقدير الوقت والعمل على البدء واالنتهاء وفق الوقت المعطى لهم .ويمكن لهم أن يصلوا إلى تلك الدرجة بعد أن يتم تدريبهم من قبل المعلم على استخدام الساعة والتدرب على قياس الوقت والتركيز في المهمة.(1994, Scruggs & Mastropieri( النموذجان التاليان، سيبينان كيفية توظيف االستراتيجية في أحد دروس القراءة، للصف الثالث االبتدائي: vالنموذج األول :درس قراءة للصف الثالث بعنوان: "األسد والفأر " × تلخيص القصة: تتلخص أحداث القصة بوقوع أحد األسود في شبكة الصيّاد، وعدم مقدرته على الخروج من المصيدة، االّ بعد مجيء الفأر الذي أنقذه من خالل قضم خيوط الشبكة بأسنانه. في عرض القصة يدور حوار بين األسد والفأر، حيث يسخر األسد من الفأر ويشكك في قدراته على المساعدة... )الحياري، باكير، تركي، مناصرة وشاهين، 3994، ).44-44ص × وسائل اإليضاح التي يعرضها المعلم :أن يعرض صورة ملوّنة كبيرة، تمثل شخصيتي األسد والفأر والشبكة ملقاة حول األسد. حيث يمكن عرض الصورة على لوحة كبيرة من كرتون مرسومة باأللوان لجذب الطالب، أو على شفافة عن طريق جهاز الرأس المسلط.(projector head-Over( × االستراتيجيات المتبعة :تخطيط فِن(Diagram Venn ، (حيث يتم رسم دائرتين متقاطعتين بشكل أفقي، بحيث تمثل كل دائرة، المعلومات المتعلقة بكل من شخصيات القصة، وفي المنطقة المتصلة يتم التركيز على نقاط التشابه. ويتم تفريغ المعلومات التي تميز كل حيوان في داخل القسم الخاص به، بينما توضع المعلومات التي تبين التشابه بين الحيوانين )الشخصيتان( في المنطقة المتقاطعة. تساعد تلك االستراتيجية، الطالب على تطوير مهارات التفكير، وبالتحديد مهارات التصنيف والتنظيم والمقارنة والتحليل. الرسم التالي يوضح الفكرة بشكل أدق:(1995, Campbell( أخذ النص من كتاب لغتنا العربية )الحياري وآخرون، 4991 ،ص14-14). vالنموذج الثاني :استراتيجيات لتعليم مهارات الكتابة اإلنشائية والوظيفية تعمل تلك االستراتيجية على لتطوير مهارات الكتابة للطالب العاديين، على جميع المراحل بشكل عام، وللطالب الصغار والذين يعانون من صعوبات تعلميّة على وجه خاص.(1991, Parnell, & Ledford, Vallecorsa( × خطوات االستراتيجية: تعتمد تلك االستراتيجية على خطوات ثالث، يتم تعليمها للطالب في بداية السنة، ومن ثم يتم العمل عليها تدريجياً على مدار العام من قبل المعلم، في دروس اللغة، وعند توظيف المهارات الكتابية الوظيفية .(writing Functional(وهذه الخطوات هي: مرحلة التخطيط، مرحلة بناء المسوّدة، ومرحلة التقييم والمراجعة. × مرحلة التخطيط :حيث يقوم المعلم بتوجيه طالبه إلى خطوات التفكير والتخطيط للموضوع الذي يريدون الكتابة حوله. وهنا يجب تشجيع الطالب على وضع أفكارهم على األوراق دون انتقاد أو توجيهات خاصة من قبل المعلم. هنا يقوم المعلم بتوجيه الطالب للتفكير بجمهور القراء المقصود، وباألهداف التي يودون الوصول إليها. خالل هذه األثناء يقوم المعلم بكتابة نموذج أمام الطالب، ومن ثم ينفذ نموذجاً مشتركاً مع طالبه. وقد يختار المعلم على سبيل المثال كتابة دعاية لمنتوج معين يحبه األطفال. يمكن للطالب من أجل البدء بتلك المهمة، إحضار بعض النماذج من الدعايات التي تصدر بالجرائد والمجالت. ولكي يتمكن الطالب من فهم مبنى الدعاية، يجب أن يساعدهم المعلم، عن طريق تعريفهم بمهارات كتابة المبنى العام لمهارات الكتابة الوظيفية. على سبيل المثال، يمكن اختيار نموذج ما يطلق عليه بـ "فقرات الهامبورغر(PARAGRAPH HAMBURGER THE" (؛ حيث يكون على النموذج شكل "ساندويش الهامبورغر"، يبدأ من الشطيرة العليا والتي يكتب فيها العنوان أو جملة االفتتاح، وفي الطبقات الوسطى للساندويش، تكتب عدة معلومات تفصيلية مدعِمة للموضوع. وفي النهاية، أي في الجزء السفلي للساندويش كتابته بالتلخيص واالستنتاج ,Vallecorsa( Ledford, & Parnell, 1991). × مرحلة بناء المسوّدة :في تلك المرحلة يطلب المعلم من تالميذه كتابة التفاصيل واألفكار التي يقصدون توصيلها، إلى جمهور الهدف. وهنا أيضاً ال حاجة لقلق المعلم لعدم نظافة أو ترتيب الورقة، أو كثرة وجود األخطاء اإلمالئية وعدم االلتزام بالنواحي الفنية. فتلك المرحلة هي من أجل وضع األفكار، وليس التشديد على النقاط الفنية، وبالتالي، يمكن للمعلم تعزيز الطالب ووضع عالمات تشجيعية على كتابة األفكار، والحقاً يمكنه التركيز على الجوانب الفنية األخرى. في تلك المرحلة يجب أن يحث المعلم طالبه على كتابة تفاصيل توضيحية، لكل نقطة فرعية تم وضعها في مرحلة التخطيط ورؤوس األقالم. وفي نفس الوقت يعمل على كتابة نموذج توضيحي لطريقة تدعيم المعلومات المرافقة وترتيبها بطريقة منطقية. كما ويمكن للمعلم أن يأخذ النماذج األولى من كتابة الطالب، ويعمل على كتابة بعض المالحظات التوضيحية، ويرجع لهم الكتابات، للعمل على تعديلها على مراحل. مرحلة التقييم والمراجعة :اآلن، يكون الطالب جاهزين لمراجعة الكتابة بشكل شمولي وعميق، إلجراء التعديالت الالزمة، قبل كتابتها نهائياً. ومن اجل القيام بهذا النشاط على الطالب أن يتظاهر بأنه القارئ الذي يقرأ القصة أو الدعاية للمرة األولى. في تلك الحالة، عليه أن يجيب على عدة أسئلة توجيهية، وقد تكون هذه األسئلة متركزة بمهارات الكتابة الفنية، مثل: التنظيم، وعالمات الترقيم، والتهجئة واالمالء. بينما للطالب ذوي القدرات المرتفعة، يمكن إضافة جوانب القواعد، والتركيبات اللغوية والمفردات وكلمات الربط ..الخ.(1991, Parnell, & Ledford, Vallecorsa( النموذج التالي، هو أيضاً من إحدى االستراتيجيات التي يمكن للمعلم توظيفها مع الطالب لكي يتم العمل على تقييم الطالب لمراحل كتابته: (Organization of ideas): األفكار تنظيم1. × جملة االفتتاح × معلومات تفصيلية داعمة للفكرة × تسلسل األفكار × استخدام كلمات االنتقال والربط . (Style): األسلوب2. × المفردات × بناء الجملة × القواعد (Spelling): التهجئة3. × تهجئة الكلمات السليمة . × الكلمات المشكلة شخصياً . (Handwriting): الخط4. × الوضوح . × الفراغات . × النظافة . .5مظهر الطباعة والجوانب الفنية :(print of Conventions( × اإلطار العام والهوامش . × عالمات الترقيم .(1995, Lovitt. ( ب - اإلدارة الصفيّة والجو العام يدخل ضمن هذا المجال، كل ما يتعلّق بشخصية المعلم، وبأسلوب تعامله مع الطالب، وطريقة معالجته لإلحتياجات الفردية للتالميذ، والمشاكل السلوكية التي قد تطرأ على الصف أو تصدر من الفرد. في هذه الحالة، وحتى يضمن المعلم نجاح تمرير المادة التعليمية، عليه أن يضمن الهدوء واالصغاء لدى الطالب. ومن السهل السيطرة على ذلك، إذا تمكن المعلم من تشويق تالميذه، باستخدام نبرات الصوت المعبرة للموقف التعليمي، وكذلك إدخال جو من المرح والدعابة. كما وأن الصف الذي تم إعداده جيداً للفعاليات، وتم شرح النقاط التي يتطرق إليها الموضوع على أكمل وجه؛ فإن هذا بطبيعة الحال، سيوجه سلوك الطالب نحو األهداف المنشودة، ويبعده عن الفوضى واإلزعاج.(1994, Scruggs & Mastropieri( أمّا عن ضبط الصف، فإنّ ذلك يتضمن إدخال التعزيزات وبناء القوانين الصفيّة لضمان مشاركة الطالب بعملية التعلم، وفي الوقت ذاته المحافظة على السلوكيات المقبولة، والتقليل من السلوكيات غير المقبولة اجتماعياً. إنّ عملية التعلم تتطلب العمل على تركيز الطالب، وإصغاءهم ومشاركتهم في المراحل المختلفة؛ لكي يتم تذويت المفاهيم والمحافظة عليها ألطول مدة ممكنة. ومن أجل ضمان ذلك، يجب على المعلم االهتمام باستخدام أنواع التعزيزات المقبولة تربوياً & Mastropieri( Scruggs, 1994). ومن هذه التعزيزات، ما يطلق عليها بالتعزيزات االجتماعية واللفظية، كالمديح والشكر واالبتسام )مثالً: "أحسنت"، "أشكرك على التعاون"، "إنك فعالً تتقدم"، "أنا مسرور ألنك مركز وتصغي للقصة أثناء سردها" ..الخ(. وهناك التعزيزات الغذائية المستخدمة مع األطفال الصغار، والعديد من المعاقين )ومن األمثلة على ذلك: توزيع الحلوى والمشروبات الخفيفة والمأكوالت المختلفة والتي تعطى للطالب على التعاون أو اإلجابات السليمة، أو السلوك اإليجابي ..الخ(. كما وأن التعزيزات الرمزية واالمتيازات الخاصة والمعززات النشاطية، تعتبر من االستراتيجيات التي تحافظ على السلوك اإليجابي وتشجع التعاون بين الطالب. ومن األمثلة على ذلك: أن يحصل التلميذ على نجمة أو أن يكون قائداً على مجموعة من الطالب أو أن يشترك في مسابقة معينة ..الخ. وباإلضافة إلى ذلك التعزيزات الذاتية التي يحصل عليها التلميذ بفضل تقدمه العام، وإحساسه بتقبل اآلخرين له ورضاهم عنه )الخطيب، 3991). ولكي يعتبر استخدام أي من تلك التعزيزات المختلفة، استراتيجية من استراتيجيات المربي على ضبط السلوك؛ فإن هذا يتطلب القيام بعملية الشرح والتوضيح الصريح للطالب، في بداية التعليم أو في مقدمة كل درس أو يوم دراسي، حول كيفية الحصول عليها. عندما يعمل المعلم على تنفيذ ذلك، فإن هذا يعني أنّه وظف استراتيجية تربوية، تساهم في إدارة وضبط الصف وتعمل على زيادة مشاركة وإصغاء الطالب للشرح واالرشاد، وبالتالي فإنه يساهم في إنجاح العملية التعليمية )الخطيب، 3991؛ Lovitt, 1995). ج - التعديالت الفيزيقية البيئية: تعمل البيئة الفيزيقية، التي تتم فيها العملية التعليمية، على تشجيع الطالب المواظبة في التركيز لمدة أطول، أو القدرة على المثابرة في اكتساب المهارات، واالستمرار في النشاط الذي يبدؤون فيه. ففي الصفوف التي يتم فيها التعليم باستخدام المجموعات، يجب أن يتواجد بها طاوالت مناسبة ومستديرة إن أمكن؛ حتى توفر الجلسة المريحة للطالب وتتيح المجال لالتصال المباشر فيما بينهم. كما وأن التوزيع المدروس للزوايا التعليمية، يعمل على توفير الجو المالئم للطالب للعمل بهدوء ودون إزعاج أو اكتظاظ.(1983, Dean( إنّ هذه النقاط والمزيد من االستراتيجيات التي يقوم بها المعلم لتوفير األجواء المريحة والمكان العازل للمثيرات السمعية والبصرية التي تؤثر على أداء الطلبة؛ كل هذه النقاط من شأنها أن تساهم ايجابياً في عملية التعلم والتقدم لدى الطالب، وتزيد من كمية االستفادة العلمية وجودتها وكذلك تقوي مدة تركيز الطالب.(1983, Dean( د - طريقة اختيار و توظيف الوسائل التعليمية : تعتبر طرق اختيار وعرض الوسائل التعليمية، من المهارات األساسية التي يجب أن يتسلح بها المعلم المهني. فال يجوز أن يعتمد المعلم على الوسيلة متوقعاً بأن تقوم بالعمل لوحدها؛ بل يجب أن يعمل ما بوسعه، على تقديمها وتوظيفها بالشكل األنسب؛ حتى تعطي التأثير المنشود، وتوصل الهدف المقصود.(1994, Scruggs & Mastropieri( لذلك، عند اختيار الوسيلة التعليمية، فإنه يجب تراعى فيها المعايير التالية: أن تكون الوسيلة التعليمية جزءاً ال ينفصل عن المنهاج، وأن تعمل على تحقيق األهداف التربوية، وأن تكون مثيرة لإلنتباه واإلهتمام أن تراعي خصائص التالميذ وعمرهم الزمني والعقلي .إضافة إلى ذلك، يجب أن تتسم بالبساطة والوضوح والحركة وعدم التعقيد، وأن تتناسب من حيث الجودة والمساحة، مع عدد التالميذ في الصف. وفي النهاية يجب أن تعرض في الوقت المناسب، وأن تترك أمام الطالب وقتا كافيا ليتمكنوا من فحصها فحصا دقيقا واالستفادة منها، وأن ال يكون بها الكثير من التفاصيل التي تجعلها غامضة؛ لكي ال تفقد عنصر اإلثارة فيها )أبو هالل، 3991؛ الزيود، 3991). العوامل المؤثرة على اختيار المعلم لإلستراتيجيات التعليمية إنّ االستراتيجية التي يختارها المعلم لتوصيل األفكار والحقائق، ضرورية وهامة جداً لضمان سبل توصيل المعلومة بطريقة سلسة ومبسطة للتالميذ. وهذا يتعلق بالعديد من العوامل، ومنها ما يتعلق باألهداف والمادة التعليمية، وطبيعة المتعلمين، وكذلك باتجاهات المعلم الفكرية وفلسفته التربوية .(1983, Dean (وسأركز على الجوانب المتعلقة باألهداف والمادة التعليمية، وكذلك طبيعة المتعلمين لعالقتها المباشرة بالموضوع المطروح. أوالً :األهداف والمادة التعليمية : عندما نتطرق إلى األهداف التربوية والتعليمية بشكل عام، نتذكر العديد من النقاط المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بها، وهي الفرو قات الفردية بين الطالب، واألنواع المختلفة من األهداف حسب تصنيفات بلوم، وهي المتعلقة بالهداف المعرفية والنفس حركية، والهداف الوجدانية. وال ننسى أن األهداف التي نختارها تتعلق بالوضع الصحي للطالب والجيل المالئم، وطبيعة اإلعاقة إذا كان طالباً معاقاً ألي شكل من أشكال اإلعاقة. هذه العوامل الهامة وغيرها مما يدفع المعلم إلى تحديد طبيعة المادة التي سيختارها، تؤدي دون شك، إلى اتخاذ القرار بشأن طبيعة اإلستراتيجيات الفضل للوضع التعليمي ,Scruggs & Mastropieri( 1994). تتحكم كل هذه الظروف المذكورة، بطبيعة االستراتيجيات التي يمكن أن يتخذها المعلم في طريقة توصيل المادة. فإذا كان الهدف معرفياً، مثالً: اإلجابة على أسئلة قطعة قراءة، فإن االستراتيجية ستكون، على األغلب، من خالل البحث في النص الموضوع أمام الطالب، وباإلمكان القيام بذلك من خالل مناقشة المجموعة إذا كان الدرس عن طريق المجموعات والحصول على اإلجابة. أمّا إذا كان الهدف، تعليم الطفل اإلمساك بالكرة بيد واحد، أو ركل الكرة بالرجل اليسرى، فإن هذا يدعو إلى اتخاذ استراتيجية مختلفة؛ أي التوجه إلى الساحة الرياضية أو الخارجية، وتنفيذ المهمة في الملعب وليس داخل الصف الضيق (Mastropieri & Scruggs, 1994). ثانياً :طبيعة المتعلمين يختلف الطالب عن بعضهم البعض، من خالل صفاتهم الفردية وأسلوب تعلمهم وطريقة استقبالهم للمعلومات. في الوقت الذي تتواجد به الكثير من األساليب والطرائق البديلة التي يمكن للمعلم من خاللها أن يصل إلى طالب، هنالك أيضاً العديد من أساليب التعلم التي تميز الطالب عن بعضهم البعض. هنالك العديد من الخواص التي يمكن تصنيف طرق تعلم الطالب وفقها، ومنها الخواص المتعلقة بقنوات االستيعاب، والمميزات المرتبطة بأنواع المحفزات، وكذلك المثيرات التي يتم استيعابها عبر قدرات لطالب على التفكير، مثل: المعلومات المحسوسة والمجردة..الخ ;1994, Scruggs & Mastropieri( Meltzer, 1996). فبعض الطالب يتعلمون عن طريق حاسة معينة أكثر من الحواس األخرى، أي أن بعض الطالب الذين يستفيدون بشكل كبير من المعلومات السمعية ألن الوسيط السمعي قوي لديهم، ويطلق عليهم بالمتعلمين السمعيين. وهنالك نسبة أخرى من التالميذ ممن لديهم قدرات أقوى على االستفادة من المعلومات البصرية، ويطلق على هؤالء الطالب بالمتعلمين البصريين .بينما نجد البعض منهم يتعلمون عندما يلمسون األشياء بأيديهم، أو يقومون بالتجارب بأنفسه، ويطلق عليهم بالمتعلمين اللمسيين (Meltzer, 1996). خالصة تعتبر االستراتيجيات التعليمية، من المهارات واألساليب الهامة والضرورية لعمل المعلم في حقل التدريس. وعدم معرفة المعلم بنوعية الطالب، وبمقدراتهم الجماعية والفردية على التعلم والتقدم، قد يؤدي إلى سوء اختياره للطرق المالئمة لتوصيل األفكار والمفاهيم لهم. إذ يضر هذا كثيراً في مراحل تقدمهم، وقد يؤدي ذلك إلى تخبط المعلم لدى اختيار الوسائل، عندما يفكر في كيفية الوصول إلى طالبه. إن لإلستراتيجيات التعليمية التي ينفذها المعلم عدة مزايا هامة، حيث تعمل على تقريب الطالب من المادة التعليمية، وتسهل عليه الفهم. كما وتخدم المعلم في أغراض تربوية حيوية، حيث تساعده على تنويع المواد والمهمات وتبسيطها لدرجة تالئم الطالب ذوي االحتياجات الخاصة. باالضافة إلى ذلك فإن لإلستراتيجيات التعليمية مركبات هامة، إذا ألمّ المعلم بها، فإنه سيتمكن من الوصول إلى طالبه وتقريب المفاهيم لهم على أكمل وجه. ومن هذه المركبات ما يتعلق بطريقة توظيف الوسائل التعليمية، وضبط الصف، وكذلك عمليات الشرح على كافة أشكالها. أخيراً أود التنويه إلى أن رسالة المعلم المربي ال تتوقف على نقل األفكار والمعلومات إلى األجيال القادمة؛ بل تتعدى ذلك بكثير. إذ أن معلم المستقبل الناجح برأيي هو المعلم الذي يستطيع أن يعلم األبناء كيفية الوصول إلى أعماق الفكر والحقائق والمعارف .وأختم بالمثل الصيني الذي يوجهني دوماً في طريقي" خير لك أن تعلم ابنك صيد السمك من أن تطعمه إيّاه جاهزاً ."فإذا أردنا الوصول إلى رفع المستوى التعليمي بالشكل المطلوب، والى تطوير مهارات الطالب على التفكير الناقد والبناء، والتحليل العلمي المنطقي، واالستقاللية في العمل والتعلم والشخصية إلى أبعد الحدود؛ فعلينا إذاً "أن نعلمهم صيد السمك بأنفسهم." المراجع أبو هالل، أحمد )3991). المرجع في مبادئ التربية، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان -األردن. الحياري، عبد الكريم؛ باكير، أمية؛ تركي، أسمهان؛ مناصرة، يوسف وشاهين، يوسف )3994). لغتنا العربية :الجزء الثاني، الصف الثالث األساسي. عمان- األردن. مؤسسة التأليف :مجمع اللغة العربية األردني. ص44-44. الخطيب، جمال .(1995 (تعديل السلوك اإلنساني :الطبعة الثالثة. عمّان- األردن: مكتبة الفالح للنشر والتوزيع. الزيود، نادر فهمي )3991). التعلم والتعليم الصفي .عمّان-األردن: دار الفكر للنشر والتوزيع. Campbell, M., B. (1995). Strategies for Literacy Learning. Chicago: Saint Xavier Univ. Davies, I., K. (1981). Instructional Techniques. New York: McGraw-Hill Book Co. Dean, J. (1983). Organizing Learning in the Primary School classrooms. London: Croom Helm Teaching. Derry, S. J. (1989). Putting Learning Strategies to Work. Educational Leadership, 46, 4-6. Eggen, P. (1979). Strategies for Teachers: Information Processing Models in the Classroom. Englewood Cliffs, N. J.: Prenticehall Inc. Lovitt, T., C. (1995). Tactics for Teaching. (Sec. Ed.). Columbus: Ohio. Englewood Cliffs. Mastropieri, M., A. & Scruggs, T., E. (1994). Effective Instruction for Special Education. (Second Ed.). Austin, Texas: Pro-Ed Inc. Meltzer, L. (1996). Strategies learning in children with learning disabilities. Advances in Learning and Behavioral Disabilities. 10B: 181. Vallecorsa, A. L., Ledford, R. R., & Parnell, G. G. (1991). Strategies for teaching composition skills to students wit learning disabilities. Teaching Exceptional Children, 23(2), 52-55. iwc replica watches

اکتب تعليق جديد

Image CAPTCHA
Enter the characters shown in the image.