نبذة عن كتاب ’التعلم التعاوني _ نظريات وتطبيقات ودراسات‘

أن التعلم التعاوني Cooperative Learning بدأ الاهتمام به منذ فترة ليست بالقصيرة، إلا أن التركيز عليه أصبح يزداد منذ العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين، ثم ظهرت جهود الدول والمؤسسات والأفراد بشكل واضح جدا في مطلع القرن الحادي والعشرين، بحيث أجريت آلاف الدراسات الميدانية والتجريبية على هذا النمط الجديد من أنماط التعلم، والتي أكدت في معظمها على الجوانب الإيجابية التي يكتسبها المتعلم نتيجة تطبيق التعلم التعاوني، سواء من الناحية المعرفية أو المهارية أو الوجدانية أو الاجتماعية.

  •  
  • وأصبح ظاهرا للعيان، أن التعلم التعاوني يتفوق في نتائجه على التعلم الفردي وعلى التعلم التنافسي في وقت واحد، بحيث أصبحت المؤسسات التعليمية من مدارس ومعاهد وجامعات تتسابق في تبني هذا النمط من أنماط التعلم، وتعمل على تطبيقه بالفعل، بعد توفير البيئة الطبيعية المناسبة والخبرة البشرية اللازمة للنجاح والتميز.
  •  
  • كما ظهر بعد ذلك الكثير من المناصرين للتعلم التعاوني من المعلمين، والمديرين، والمشرفين التربويين، والمرشدين النفسيين، وأساتذة الجامعات، والطلبة، والمهتمين وأولياء الأمور في وقت واحد.
  •  
  • وبدأ المربون في التأليف والكتابة عن التعلم التعاوني بعد إجراء الكثير من الدراسات العلمية الدقيقة. ورغم وجود العديد من الكتب والمراجع العربية عن التعلم التعاوني، إلا أن هذا الكتاب يمثل لبنة جديدة تضاف إلى ما سبق من جهود وأنشطة. ومع ذلك، فقد أراد المؤلفون لهذا الكتاب عدم الاقتصار في هذا الجهد على الجوانب النظرية فقط أو التطبيقية فحسب أو البحثية لوحدها، بل العمل على جمع الثلاثة أمور المذكورة آنفا في مرجع واحد.
  •  
  • واشتمل هذا الكتاب المرجع عن التعلم التعاوني على ستة أبواب كبيرة وعشرين فصلا مستقلا. وكان الباب الأول تحت عنوان : نشأة التعلم التعاوني Cooperative Learning Background والفرق بينه وبين التعلم التقليدي، وتضمن ثلاثة فصول مختلفة، تناول الفصل الأول منها نشأة التعلم التعاوني وتطوره، ولا سيما تطور حيوية المجموعات التعاونية، وتطورالمجموعات التعاونية، وتطور عمل المجموعات لتشجيع التعلم، وتطور الإطار النظري للتعلم من خلال المجموعات، مع عرض جهود العلماء والمربين في إظهار التعلم التعاوني إلى حيز الوجود، والعمل على تطويره نحو الأفضل، والعمل على مواجهة التحديات التي تظهر من وقت لآخر أمام هذا النمط الجديد من أنماط التعلم.
  •  
  • ونظرا لأهمية تعريف القارئ بأنماط التعلم بصورة عامة، فقد ركز الفصل الثاني من الكتاب على هذه الأنماط، وذلك بعد توضيح التعلم والمتغيرات العديدة التي تؤثر فيه، ثم الحديث عن أنماط التعلم الثلاثة المشهورة مثل التعلم التنافسي CompetitiveLearning وظروف ظهوره وخصائصه وسلبياته، ثم التعلم الفرديIndividual Learning وصفاته وجوانبه السلبية، ثم التعلم التعاوني Cooperative Learning ومبررات وجوده وإيجابياته العديدة، واعتباره الحل المناسب للمشكلات التي تظهر نتيجة ممارسة التعلم التنافسي والتعلم الفردي في المؤسسات التعليمية المختلفة.

 

  • ودار الفصل الثالث من الكتاب حول التعلم التعاوني والفرق بينه وبين التعلم التقليدي، إذ طرح المؤلفون المقصود بمفهوم التعلم التعاوني من وجهات نظر العديد من المربين والمهتمين بهذا النمط المهم من أنماط التعلم، ثم توضيح الفروق الجوهرية بين كل من التعلم التقليدي والتعلم التعاوني، حتى يدرك القارئ العربي لماذا يعتبر التعلم التعاوني البلسم الشافي للكثير من العلل والمشكلات الناجمة عن ممارسة التعلم التقليدي بسلبياته الكثيرة.
  •  
  • وجاء الباب الثاني من أبواب هذا الكتاب تحت عنوان : عناصر التعلم التعاوني وأهدافه، كي يشمل اثنين من الفصول فقط هما الفصل الرابع والفصل الخامس، وقد اهتم الفصل الرابع بالعناصر الرئيسة التي يقوم عليها التعلم التعاوني Cooperative Learning Elements والتي لا يمكن له النجاح بدونها، وتشمل الاعتماد الإيجابي المتبادل بين الأفراد InterdependenceBetween Individuals والمسؤولية الفردية الجماعية، والمهارات الاجتماعية والشخصية المطلوبة، ومعالجة عمل المجموعات، والمطلوب عمله خلال هذه العناصر المهمة.
  •  
  • وتناول الفصل الخامس من فصول الكتاب موضوع جوانب أهداف التعلم التعاوني AspectsCooperative Learning Objectives ولا سيما الجانب التربوي Educational Aspect بأهدافه المتشعبة، والجانب الاجتماعي Social Aspect بأهدافه العديدة، والجانب النفسي PsychologicalAspect بأهدافه المتنوعة، ومدى علاقة هذه الجوانب ببعضها بعضا، وتأثيراتها في بعضها من ناحية، وفي المتعلم من ناحية ثانية.
  •  
  • وركز الباب الثالث من أبواب الكتاب على دور المعلم والطالب في التعلم التعاوني تصميما وتخطيطا وتنفيذا، واشتمل على فصلين رئيسين هما: الفصل السادس الذي دار حول دور المعلم والطالب في تصميم التعلم التعاوني والتخطيط له TheTeacher & Student Roles in Designing and Planning Cooperative Learning والطرق التي تدعم دور المعلم في تشكيل المجموعات غير المتجانسة، ودور المعلم في تحديد زمن بقاء أفراد المجموعة الواحدة ضمن مجموعتهم، ودور المعلم في ترتيب وتنظيم الصف، وكيفية جلوس الطلبة في مجموعات، ودور المعلم في تخطيط المواد التعليمية وتجهيز الأدوات الضرورية لأداء المجموعات الناجح لمهامها، وتوزيع المعلم للأدوار على الطلبة، ودور المعلم في وضع خطة الأعمال الصفية في أنماط التعلم المختلفة.
  • وبعد ذلك يأتي دور الطالب بصورة عامة في التعلم التعاوني كشخص مبادر، وكطالب للمعلومات، وكطالب للآراء، وكشخص يعطي المعلومات والآراء، وكموضح للأفكار ومنسق لها، وكممهد للمناقشات، وكناقد لما يسمع ويرى ويقرأ، وكمنشط لعمل المجموعات ومشجع لها، وكمسجل لما يدور من أفكار وآراء وتعليقات.
  •  
  • أما الفصل السابع من فصول هذا الكتاب المرجع، فقد ركز على دور المعلم في تنفيذ التعلم التعاوني The Teacher`s Role in ApplyingCooperative Learning وذلك من حيث شرح المهام الأكاديمية، وبناء وتعزيز الاعتماد المتبادل الإيجابي بين الطلبة، وبناء المسؤولية الفردية بينهم، وترسيخ التعاون بين المجموعات، وتوضيح معايير النجاح لهم، ودور المعلم في تحديد الأنماط السلوكية المتوقعة من الطالب.
  •  
  • وناقش الباب الرابع من أبواب الكتاب الحالي المهارات التعاونية Cooperative Skills واشتمل على أربعة فصول كاملة من الثامن وحتى الحادي عشر. ففي الفصل الثامن، تم التركيز على أنماط المهارات التعاونيةTypes of Cooperative Skills التي يحتاج إليها الطلبة في التعلم التعاوني، ولا سيما مهارات التشكيلForming Skills ومهارات العمل Functioning Skills ومهارات الصياغة Formulating Skillsومهارات التخمير Fermenting Skills ومهارات الاتصال Communicating Skills ومهارات بناء الثقةBuilding Confidence Skills ومهارات القيادة التعاونية Cooperative Leadership
  • Skills.
  •  

أما الفصل التاسع فقد دار حول موضوعات المراقبة ControllingوالتدخلIntervening ، والملاحظةObserving ، والتقييم Evaluating ، والمعالجة Treatment في المهارات التعاونية المختلفةCooperating Skills، ومراحل التعلم التعاوني Cooperative Learning Phases وربطها بالمهارات التعاونية.

  •  
  • وكان الفصل العاشر تحت عنوان: خطوات تدريس المهارات التعاونية Steps of Teaching Cooperative Skills، وبخاصة الخطوات التنظيمية Organizing Steps مع طرح أمثلة تطبيقية تربوية وحياتية، ودروس متنوعة على خطوات تدريس المهارات التعاونية.
  •  
  • أما الفصل الحادي عشر فركز على نماذج وأشكال العمل في المجموعات التعاونية Types and Shapes of Work in Cooperative Groups والتي تتضمن فِرَق التعلم الجماعية Group Learning Teams و فِرَق التعلم معا Together Learning Teams وطريقة جكسو Jigsaw Method وطريقة البحث الجماعي Group Research Method والطريقة البنائية Structural Method وطريقة المقابلةInterviewing Method ذات الخطوات الثلاث.
  •  
  • وعالج الباب الخامس التطبيقات المختلفة على التعلم التعاوني Applications on Cooperative Learning وبأربعة فصول مختلفة من الثاني عشر وحتى الخامس عشر، حيث ركز الفصل الثاني عشر منها على تطبيق التعلم التعاوني في مواقف أو ظروف خاصة Applying Cooperative Learning in Special Circumstances مثل تطبيق التعلم التعاوني على أطفال ما قبل المدرسة، وأطفال الصفوف الدنيا للمرحلة الأساسية، وتطبيق التعلم التعاوني على الطلبة الذين يتعلمون لغة ثانية، ودور المعلم عند استخدام الطلبة لغتهم الأم في مجموعات تعلم تعاونية تستخدم لغة أخرى، ثم تطبيق التعلم التعاوني في الصفوف المدرسية الكبيرة.
  •  
  • أما الفصل الثالث عشر من فصول هذا الكتاب، فقد اهتم بالتطبيقات على التعلم التعاوني في مختلف المواد المدرسية المقررة Applying Cooperative Learning in Different Subject – Matters ولا سيما في الدراسات الاجتماعية، والتربية الإسلامية، والرياضيات، والعلوم، واللغة العربية، واللغة الانجليزية، بمثالين واضحين لكل تخصص.
  •  
  • وناقش الفصل الرابع عشر الصعوبات التي تواجه عملية تطبيق التعلم التعاوني Difficulties Facing Cooperative Learning Applications في المدارس والمعاهد والجامعات، مع طرح المقترحات الملائمة لعلاجها، ولا سيما أسلوب العصف الذهني Brain Storming مع تفصيلات كثيرة عن هذا الأسلوب من حيث تعريفاته، وأهدافه، وفوائده، ومتطلباته، والقواعد الأساسية له، وخطواته، والتحضير لهذا الأسلوب الفعال، ثم العمل على تقييمه، وأخيرا أدوات التعلم التعاوني المستخدمة للتخفيف من صعوبات تطبيق التعلم التعاوني.
  •  
  • واهتم الفصل الخامس عشر من هذا الكتاب المرجع ببعض التجارب والجهود العالمية في تطبيقات التعلم التعاونيWorld Wide Efforts in Cooperative Learning، ولا سيما التجارب أو الجهود الأمريكية والبريطانية والكندية والصينية والسعودية، مع توضيح ما بذل منها في هذا الصدد.
  •  
  • وركز الباب السادس والأخير من أبواب الكتاب على الدراسات الميدانية والتجريبية التي تناولت التعلم التعاونيResearch Papers about Cooperative Learning وبمجموع (115) دراسة عربية وأجنبية، ضمن خمسة فصول كاملة من السادس عشر وحتى العشرين، حيث تمت في الفصل السادس عشر مراجعة الدراسات التي بحثت في تأثير استخدام التعلم التعاوني في تحصيل الطلبة للمواد الدراسية المختلفة وبمجموع (72) دراسة عربية وأجنبية.
  •  
  • وراجع مؤلفو هذا الكتاب في الفصل السابع عشر الدراسات الميدانية والتجريبية التي بحثت موضوع تأثير استخدام التعلم التعاوني في اتجاهات الطلبة والمعلمين وميولهم وبمجموع (17) دراسة عربية وأجنبية.
  • بينما تمت مراجعة إحدى عشرة دراسة في الفصل الثامن عشر، وبحثت عملية تأثير استخدام أسلوب الأحجيات، وجكسو jigsaw في التعلم التعاوني.
  •  
  • أما الفصل التاسع عشر، فقد راجع فيه مؤلفو الكتاب سبع دراسات بحثت تأثير التعلم التعاوني في مفهوم الذا.
  •  
  • في حين روجعت في الفصل العشرين والأخير من فصول هذا الكتاب خمس عشرة دراسة تناولت أثر التعلم التعاوني في التحصيل والاتجاه معا.
  •  
  • ووردت في نهاية الكتاب قائمة طويلة جدا من المراجع العربية والأجنبية زادت عن المائتي مرجع، لها علاقة وثيقة بالتعلم التعاوني وموضوعاته النظرية والتطبيقية والبحثية المتنوعة، يستطيع المعلمون والمديرون والمشرفون التربويون والباحثون وأساتذة الجامعات العودة إليها والاستفادة منها إذا ما أرادوا التعمق والاستزادة والتحقق من بعض الأمور ذات الصلة بالعناوين الرئيسية والفرعية الواردة في هذا الكتاب.
  •  
  • ويتبين من عرض أبواب هذا الكتاب وفصوله، الموضوعات بالغة الأهمية في مجالات التربية وعلم النفس والمناهج وطرق التدريس، من موضوعات التعلم التعاوني، وكيف يمكن الإلمام بالجوانب الفلسفية والنظرية والتطبيقية لهذا المفهوم الحديث والمطلوب استخدامه من مفاهيم التعلم المعاصر، من أجل تطبيقه أو ممارسته فعليا داخل الحجرة الدراسية، سواء في المدارس أو المعاهد أو الجامعات، مما يرفع من مستوى فاعلية التعلم لتحقيق الأهداف التربوية المرجوة.
  •  
  • ورغم كل ما بذل من جهد في هذا الكتاب من جانب المؤلفين، إلا أنهم لا يدعون بأنه الكتاب الوحيد في هذا المجال، بل توجد كتب عربية عديدة ظهرت من قبل وكان لها الدور المهم في إبراز قضية التعلم التعاوني وأهميته ودوره في تطوير العملية التعليمية التعلمية، إلا أن هذا الكتاب يمثل لبنة جديدة تضاف إلى ما سبقها، مع توضيح أن الجوانب النظرية العميقة والتطبيقية الواسعة والبحثية المتنوعة تجعل من هذا الكتاب مرجعا لكل من يريد الاستفادة من هذا النمط من أنماط التعلم، ويعمل على تطبيقه ميدانيا.
  •  
  • ومع ذلك، فالكتاب يمثل جهدا بشريا لم ولن يصل إلى مستوى الكمال ما دام الكمال لله وحده عز وجل، مما يجعل الباب مفتوحا للجميع للنقد البناء والايجابي، بحيث تتم مراعاة ذلك في الطبعات القادمة من هذا الكتاب، وكم نكون شاكرين وممتنين لكل من يهدينا إلى الأعمق والأفضل والأصوب والأحدث والأكثر دقة.

 

  • وفي النهاية، فإن مؤلفي هذا الكتاب المرجع يطرحونه إلى معلمي المدارس ومديريها ومشرفيها التربويين، وإلى طلبة كليات التربية وعلم النفس في مرحلة البكالوريوس من جهة، وطلبة الدراسات العليا وأساتذة الجامعات العربية من المحيط إلى الخليج من جهة أخرى، بل وإلى كل باحث ومهتم ومتعمق في مجال التعلم التعاوني ممن يبحث عن التعلم الأفضل لطلبة اليوم وأمل الغد، من أجل تطوير العلم، والسير قدما نحو التقدم والبناء المعرفي والمعلوماتي، وإثارة الحيوية والنشاط في موضوعات المواد الدراسية المقررة، فهما وتحليلا ونقدا وإبداعا، حتى يتم ضمان حدوث التعلم التعاوني المنشود من الناحيتين النظرية والتطبيقية في وقت واحد.

 

 

أ.د. جودت أحمد سعادة

 

 

اکتب تعليق جديد

Image CAPTCHA
Enter the characters shown in the image.